أكدت الجلسة الأولى من جلسات اليوم الأخير لمنتدى جدة الاقتصادي على العلاقة الوثيقة بين الصحة والاقتصاد والتنمية. وأجمع المتحدثون فيها على أن الصحة واحد من أهم المحاور والقضايا التي تؤثر وتتأثر بالاقتصاد والتنمية والخدمات والإنتاجية بصفة عامة. وحذرت الجلسة من المخاطر الصحية والأمراض والأوبئة التي تنتظر العالم في الألفية الجديدة، خصوصا في ظل العولمة وفتح الحدود وانتقال السلع من دولة إلى أخرى، مايؤدي لانتقال العدوى والأوبئة والفايروسات والحشرات الناقلة للأمراض. وتحدث في الجلسة رئيس عميد كلية الطب نائب الرئيس المكلف بشؤون التطوير في جامعة الفيصل الدكتور خالد مناع القطان عن أهمية الإنفاق على الصحة في المملكة ودول الخليج، داعيا إلى المزيد من الإنفاق على هذا القطاع، موضحا في هذا الشأن أن 6 في المائة من إجمالي الناتج الوطني في المملكة ينفق على الصحة تحت مظلة وزارة الصحة، فيما ينفق من 8 - 10 في المائة من الدخل على الرعاية الصحية للأفراد والأسر. وقال إن هناك حاجة ماسة إلى زيادة الإنفاق على علاج الأمراض المزمنة والمعدية، مشيرا إلى أن زيادة معدل النمو السكاني ومعدل زيادة السن للمواطنين تتطلب المزيد من الإنفاق على العلوم الصيدلانية والبحوث الطبية، رغم تأثر الاقتصاديات العالمية ومنها اقتصاديات منطقة الخليج بالركود الاقتصادي. ودعا المسؤولين الصحيين في المملكة ودول الخليج إلى التعامل بجدية، وحذر مع الأمراض التي تصاحب العولمة وهي تلك الأمراض التي انتشرت في الغرب ثم انتقلت إلى دول الخليج ودول أخرى في العالم، موضحا أن المملكة لديها خصوصية في التعامل مع الأمراض الوافدة والمعدية نظرا لزيادة أعداد القادمين للحج والعمرة من جميع دول العالم، إضافة إلى الأمراض التي صاحبت صناعة البتر وكيماويات. وتحدث المدير العام للمجلس التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لمجلس التعاون الخليجي الدكتور توفيق بن أحمد خوجة عن التحديات الصحية وكيفية مواجهتها في دول مجلس التعاون الخليجي وارتباط ذلك بالاقتصاد والاستثمار، داعيا إلى ضرورة زيادة الاستثمارات في القطاع الصحي من أجل التوسع في استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في المجال الصحي، إضافة إلى إنتاج الأمصال واللقاحات للتطعيم ضد الأمراض المعدية. ودعا الحكومات في دول مجلس التعاون إلى الاضطلاع بدورها في تعزيز القدرات الصحية، خصوصا في ظل فترة الكساد العالمي التي نشبت جراء الأزمة المالية العالمية، حاثا الحكومات الخليجية على الاهتمام بالعاملين في هذا الحقل إضافة إلى تعزيز النظام الصحي الذي يتعامل مع الأمراض الطارئة التي تنتقل عبر الوبائيات أو التي تنتج عن الكوارث الطبيعية، ومنها السيول. بعد ذلك، تحدث نائب الرئيس التنفيذي للعلوم الاجتماعية والإحصائية والبيئية في (أر. تي. أي) العالمية الدكتور وين هولدن عن القضايا الأساسية التي تحدد مستقبل العالم وفي مقدمتها القضايا الصحية، وقال «إن قضية الصحة لا تبدو سهلة أو معزولة عن القضايا الأخرى في العالم، فهي معقدة وتتداخل مع البيئة والفقر والنزاعات وعدم المساواة والأزمات الاقتصادية». ودعا الحكومات إلى زيادة الإنفاق على الصحة وقدم عدة حلول يجب اتباعها من أجل الاهتمام بالصحة العامة في المستقبل، وهي؛ زيادة الاستثمار في العلوم الطبية وخصوصا علم الجينوم، وضع محددات لعلم الوراثة، وضع استراتيجيات للوقاية، وإنتاج التقنيات الحديثة، موضحا أن الخطر المستقبلي سيأتي من عاملين اثنين، هما؛ التبغ والسمنة المفرطة، مشيرا إلى أن التبغ سيؤدي إلى وفاة 100 مليون نسمة، كما أن السمنة المفرطة تؤدي إلى أمراض خطيرة كالسرطان والسكري ونفقات علاجها تزيد على 104 مليارات دولار سنويا. من جانب آخر، أكد نائب رئيس المجلس العلمي الاستشاري لشؤون الصحة العامة في وزارة الدفاع الألمانية الدكتور مانفرد ديترتيش أن الصحة هي أحد أهم ملامح الاقتصاد، وهي ركيزة رئيسية لتحديد نوعية وكفاءة الإنتاج، فالعامل البشري هو أحد أهم مكونات التنمية، وأن افتقار الأمان في العمل يؤدي إلى بيئة عمل غير جيدة وانخفاض الإنتاجية وتدهور الاقتصاد، ولذلك هناك ارتباط وثيق بين العمل والصحة. وحذر الدكتور ديترتيش من زيادة وخطورة الأمراض في عصر العولمة، موضحا أن انتقال السلع الملوثة يحمل العديد من الأمراض، ويسبب الكثير من الوفيات، ويؤثر سلبا على صحة الإنسان والحيوان معا.