لدى معاينة المواقف والتصريحات والتوجهات العملية للرئيس الأمريكي باراك أوباما منذ توليه الرئاسة وحتى نهاية العام الأول نجد أن تركيزه كان منصبا على الوضع الاقتصادي - الاجتماعي الداخلي المتأزم، بفعل استمرار تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي قادت الولاياتالمتحدةالأمريكية و معها الاقتصاد العالمي برمته إلى أخطر وأكبر أزمة على مدى قرن، و بالتالي فإن الأولوية تمثلت في محاولة تطويقها وحصر آثارها المدمرة. هذا التوجه معروف ومفهوم بالتأكيد. غير أن بعض القضايا والأزمات الخارجية الناجمة عن سياسات ومواقف وممارسات الإدارت الأمريكية السابقة وخصوصا الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وإدارته اليمينية المتطرفة التي ورطت الولاياتالمتحدة في حروب ومغامرات خارجية عبثية كما هو الحال في العراق وأفغانستان و في بلدان ومناطق مختلفة من العالم وذلك تحت عنوان الحرب المفتوحة على الإرهاب والحروب الاستباقية كان لها تأثيرها المباشر على الوضع الداخلي، حيث كلفت الشعب والاقتصاد الأمريكي خسائر بشرية ومادية واقتصادية ضخمة، و انعكس ذلك في تفاقم العجز في الميزانية الاتحادية وتصاعد المديونية الداخلية والخارجية الأمريكية إلى أرقام فلكية غير مسبوقة. مع توفر هذه العوامل المهمة غير أن فوز أوباما لم يكن محسوما لولا تفجر الأزمة المالية والاقتصادية والتي لا تزال تداعياتها الاجتماعية الحادة ماثلة في تفاقم حدة البطالة وانتشار رقعة الفقر، وتدهور وانكماش مكانة الطبقة الوسطى رمز «الحلم الأمريكي» الشعب الأمريكي بوجه عام تنصب اهتماماته على قضاياه الداخلية بالدرجة الأولي ما لم تطل القضايا الخارجية مصالحه المباشرة كما حصل في حرب فيتنام سابقا و هو ما ينطبق على حرب العراق التي لم يكن هناك إجماع أمريكي داخلي حولها وقد سبق لأوباما شخصيا إعلان معارضتها بشكل صريح في وقت مبكر. أوباما الذي حقق فوزه الكاسح تحت شعار «التغيير» وهذا العنوان وفقا لتصوره وأطروحاته تجسدت في تصريحاته وخطبه ومواقفه المعلنة والتي شملت الوضعين الداخلي والخارجي في الآن معا، وهو ما عبر عنه بشكل واضح وجلي في خطابه الشهير في القاهرة والذي أكد فيه عزم إدارته على انتهاج خط جديد مقارنة مع الإدارة الأمريكية السابقة. غير أنه بعد مرور عام على تولي أوباما الرئاسة تجد الولاياتالمتحدة نفسها أكثر تورطا في أفغانستان وغيرها من البلدان. ففي حين أعلن أوباما بأن القوات الأمريكية ستنسحب من أفغانستان في غضون 18 شهرا، تم إرسال قوات أمريكية إضافية قوامها أكثر من 30 ألفا من الجنود، مع أن العديد من القادة العسكريين والمسوؤلين الأمريكيين أقروا بأن البعد العسكري لوحده لن يحقق أي تقدم، وأنه لا بد من البحث عن حلول سياسية، خصوصا في ظل تعزيز حركة طالبان لنفوذها وهيمنتها العسكرية والسياسية في معظم المحافظات، بل ولم تتوان الحركة من توسيع نطاق تحركها العسكري ليشمل العاصمة كابل، في حين يوصف النظام الأفغاني من قبل جهات أمريكية نافذة بأنه نظام فاشل يخترقه الفساد. وقد أدرجت أفغانستان ضمن الدول الأربع الأكثر فسادا (ومعها العراق) في العالم. كما شهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة حالات تزوير على نطاق واسع مما دفع لإعادة فرز الأصوات في مناطق أفغانية عدة، ناهيك عن الفشل الذريع للحكومة الأفغانية في مواجهة التدهور الأمني واتساع نطاق الفقر المدقع والبطالة المزمنة وانتشار المخدرات التي حولت أفغانستان إلى أكبر بلد منتج ومستهلك للمخدرات في العالم .التورط الأمريكي الذي تفاقم في أفغانستان امتد ليشمل باكستان المجاورة حيث عززت طالبان باكستان من سيطرتها وتصاعدت تهديداتها وعملياتها العسكرية في مناطق باكستانية عدة إضافة إلى معاقلها القبلية في الجبال. في المقابل تزايدت المواجهات العسكرية بين القوات الباكستانية ومقاتلي حركة طالبان، وكذلك تصاعد التورط الأمريكي المباشر من خلال الهجمات الجوية الأمريكية، وهو ما أدى إلى مصرع وجرح وتشريد مئات الآلاف من المدنيين الباكستانيين في العام الفائت، ووفقا لتصريحات باكستانية رسمية أنه يقتل 15 مدنيا مقابل كل فرد من حركة طالبان في باكستان. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة