لكل طالب حكاية مع المذاكرة وطقوس، فمنهم من لا يركز ما لم يتناول طعاما، ومنهم من يغادر البيت، وهناك من يتخذ زاوية معينة لا يستوعب دروسه ما لم يكن قابعا فيها، في حين يبحث آخرون عن الهدوء، بينما يشتت الهدوء تركيز غيرهم، الأغرب أن هناك من لا يستطيع المذاكرة إلا أمام بوابة المدرسة. آكل الفصفص الطالب سعد مستور الحربي قال: هي أزمة أعيشها سنويا مع الاختبارات حيث تكمن المشكلة في أنني أربط بين التركيز وأكل «الفصفص»، فما أن يحين موعد الاختبارات حتى أشتري كميات كبيرة منه رغم تحذير الطبيب من تناوله بتلك الكميات، فقد سبب لي أملاحا داخل جسمي وظهور البثور في الوجه، لكن ماذا أفعل؟ خصوصا أنني طالب في الصف الثالث الثانوي. ويضيف الطالب الحربي: الكثير أكدوا ألا علاقة بين التركيز والفصفص، بل يقل التركيز عند تناول الطعام، لكن المسألة لها علاقة بالناحية النفسية. فراولة وعنب يشترك عثمان عبده صلهبي في تناول الطعام خاصة الفراولة أو الكرز حال توفرهما، وإلا فإن العنب يؤدي نفس الغرض، قائلا: بدأت معي هذه العادة عندما كانت الوالدة تدخل غرفتي، وتحضر معها أنواعا من الفواكه، ومع الأيام تطورت المسألة، فلا يمكن أن أتخذ مجلسي للمذاكرة ما لم يكن بجواري إناء يحتوي تلك الفاكهة أو بعضها. البحث عن الضجيج يرفض هانى عبد المنعم بخاري أية محاولة من أجل إقناعة بأن الهدوء الكامل حافز قوي للتركيز، بقوله: لا أستطيع المذاكرة في أجواء هادئة، فالهدوء يشتت ذهني وتركيزي، والموضوع ليس وليد اليوم، هكذا عرفت نفسي، وكلما زاد الضجيج تضاعفت قوة التركيز. وقبل المذاكرة أتعمد تشغيل «التلفزيون» على أية محطة، وأحيانا المذياع، لهذا كثيرا ما أسبب مضايقة لوالدي الذي يأتي عند الظهيرة، فأحترم رغبته في فترة وجوده في البيت، وأستخدم بديلا عنه إخوتي الصغار أطلب منهم المجيء للعب والقفز على السرير والصراخ. هدوء تام ينسف غازي جزاء الغنامي (طالب الصف الثالث ثانوي) رأي سابقه هاني بخاري بقوله: هذا غير منطقي، فمن المعروف علميا وواقعيا، أن توفر الهدوء التام يساعد على التركيز، فلا يمكنني المذاكرة في تلك الأجواء التي ذكرها زميلي، بل إن أي عمل لا تتوافر له البيئة الهادئة لن يكون عملا كاملا ومكتملا. ويضيف غازي العقل أنه لا يستطيع أن يتعامل مع هدفين أو أمرين في الوقت نفسه، بل يحتاج إلى التركيز على أمر واحد ليستوعب. يتفق معه زميلاه عامر ثابت المحمادي ومنصور الكعبي، في حين يصر الطالب محمد أحمد الشهري على ضرورة تهيئة المكان بالشكل الذي يحقق تركيزا مرتفعا، لهذا يلجأ إلى البر أو المخططات غير المأهولة هو وأصدقاؤه (حسين شايق الحارثي، فيصل علي الزهراني ، وناحي عيد العصيمي)، بينما يرفض زميلهم (شرف حاسن الزهراني) فكرة المذاكرة الجماعية. ماء وعشب يتجه منصور فايز برديسي للقول: رزقت بيتا فيه فناء خارجي يتوافر على أنواع مختلفة من الأشجار، تعودت منذ أعوام جمع أغراضي من فراش، وسادة، وكتب، والاتجاه إلى زاوية معينة من ذلك الفناء بعد رشه بالماء، فتنتشر رائحة العشب، فأنا لا أعرف المذاكرة إلا في تلك الحالة، هناك فقط أتمكن من هضم المواد الدراسية، ولا يقلقني هذه الأيام سوى البعوض، والذي يتسبب في عدم التركيز بسبب صوته المزعج ولهذا أجمع بعض عيدان الحطب الصغيرة، وأشعل فيها النار لتدخن على البعوض، ولا أحب شرب القهوة أو الشاي خلال هذه الأيام. مذاكرة اللحظة الأخيرة بعكس الجميع، لا يتمكن الطالب مشعل فواز الحمراني من الإمساك بالكتاب للمذاكرة، إلا أمام بوابة المدرسة أو بجوارها، حيث يقول: أنا ممن لا يذاكر في البيت أنشغل بأي شيء إلا أن أذاكر، لعل السبب أنني في الأصل ممن ينصت ويستوعب جيدا لعناصر الدرس في الفصل أثناء أيام الدراسة، وأشعر بأنني فاهم المادة أقول يمكن يكون هذا هو السبب الذي لا يجعلني أمسك الكتاب إلا حينما أتوجه صباحا لحضور الاختبار، لهذا بعد الفجر وهذه الأيام لا يوجد وقت كبير بعد أداء الصلاة ودخول المدرسة، لهذا يمكن أن أبكر كثيرا فقبيل أذان الفجر بساعة أو نصفها أتوجه بسيارتي وأتوقف أمام بوابة المدرسة لأذاكر هناك على إضاءة السيارة، وهذا موقف عرضني للكثير من الإحراج، ويستغربه كل من وجدني هناك.