اتسعت قائمة «الممنوعات» التي تفرضها الأسر على أبنائها منذ الأسبوع الماضي، مع حلول موسم اختبارات منتصف العام الدراسي، وإن اختلفت القائمة قليلاً من منزل إلى آخر، إلا أن الخطوط العريضة في القائمة قلَّما تتغير مثل الخروج من المنزل، أو ممارسة الترفيه، وبخاصة الألعاب الإلكترونية، ومشاهدة التلفزيون، واستخدام الموبايل. وتبدو السيطرة على الفتاة خلال فترة الاختبارات أكثر سهولة من الولد. وتضطر بعض الأسر إلى الرضوخ لمزاجية ابنها الطالب، لناحية بيئة المذاكرة. ويقول عبد الهادي مويس: «في الوقت الذي نحاول فيه توفير أجواء هادئة للمذاكرة، إلا أن أبنائي على صنفين: الولد في الصف الأول الثانوي، والبنت في الثالث الثانوي، والولد لا يذاكر في بيئة هادئة أبداً، ويؤكد عدم مقدرته على المذاكرة إلا في أجواء صاخبة، فيما تُطالب أخته بالهدوء، ما يجعلها تقبع في غرفتها طوال الوقت». ويستعرض مويس، قائمة الممنوعات في منزله خلال فترة الاختبارات، التي تشمل «عدم الخروج من المنزل، إلا لأسباب ضرورية جداً، وكذلك المكالمات، والزيارات، فيما نضطر إلى انتزاع قابس الهاتف، وسحب الموبايلات، تفادياً لاتصالات قد تكون مطولة من قبل الزملاء أو الزميلات، وهذا حالنا كل عام خلال فترة الاختبارات، ولكن الأولاد لم يعتادوا على الممنوعات، وأواجه وأمهم الكثير من الاعتراضات، لأنهم غير واعين تجاه مستقبلهم». وتتبع سوسن فريج، أسلوب المتابعة والمراقبة المستمرة للأبناء في غرفهم، خلال فترة الاختبارات، حتى أنهم أطلقوا عليها «برج المراقبة». وتقول: «لازلت منذ أن كانوا صغاراً حتى الآن، أقوم بتسميع مواد الحفظ لهم، للتأكد من أنهم بالفعل كانوا يذاكرون. وكثيراً ما يتذمرون من ذلك، ويشبهون معاملتي لهم بالتعامل مع الأطفال، إلا أن قلبي لا يطمئن إلا بهذه الطريقة»، لافتة إلى أنها لا تقوم بطرق باب الغرف قبل الدخول، «وإنما اقتحمها اقتحاماً، للتأكد من كونهم يذاكرون». وتسود منزل فايز أبو عبدالله الذي يدرس في الصف الثالث الثانوي، حال من «القلق والأرق» خلال هذه الفترة، وبخاصة في اليوم الأول في الاختبارات. ويقول: «يشعرني والداي بأن ما أبذله من مجهود يُعتبر قليلاً جداً، على رغم التزامي بالمذاكرة، واطلاعهما على درجاتي المرتفعة طوال العام، إلا أنهما يطلبان مني دائماً بذل المزيد من الجهد، ما يشعرني بأنهما يحمِّلاني فوق طاقتي، فيقومان بإيقاظي في ساعات الفجر الأولى، لأذاكر، ومن ثم أتوجه إلى الاختبار، وإن أخذت استراحة لساعة أو أكثر، تقوم القيامة، وأُُتهم بالتقصير». وأطلع فايز أحد معلميه على ما يعانيه، غير أنه برر تصرف والديه على أنه «قلق على مستقبلي» وأكد «أن عليَّ بذل ما هو في طاقتي، وضمن قدراتي». وعن قائمة الممنوعات، قال: «يمنع مشاهدة التلفزيون، ويصادر جهاز الكمبيوتر، والموبايل. إلا أنني اعترضت وأخبرتهما بحاجتي له في حال أردت سؤال أحد زملائي، فرضخا لطلبي، إلا أن المكالمات تحت المراقبة، والخروج من المنزل ممنوع، إلا لساعتين في اليوم، وبعد أن أنهي أكبر قدر من صفحات الكتاب». ويصف عبد العزيز المحسن، حال والدته «لا تنام، وتنتظر عودتي، لتسألني عن النتيجة»، حتى أنه يشعر «بأنها من يذاكر، ويدخل قاعة الاختبار»، مبيناً أن فترة الاختبارات هي «الفترة الوحيدة في العام التي أرى والدتي قلقة، ومضطربة، ولا تنام إلا ساعات قليلة ومتقطعة طوال اليوم»، مؤكداً أن حالها «تدفعني لأن أبذل الجهد، إلا أنها تشعرني بأنني مصدر قلق، وعليها أن تتأكد قبل الاختبارات بأن الواجبات كاملة، وبأن أوراق المراجعة منجزة، وإن لم يحدث ذلك تبدأ حالة الاستنفار، وإن اضطررت إلى الذهاب إلى المكتبة للتصوير، تذهب وحدها، وتأمرني بالجلوس في المنزل، لمتابعة المذاكرة». فيما يحذر اختصاصيون نفسيون، الأسر من ممارسة الضغط على الطلاب خلال الاختبارات، مشيرين إلى أن ذلك قد يخلف آثاراً معاكسة لما ترتجيه الأسر، ناصحين بتوزيع الضغط طوال العام الدراسي، بدل تركيزه على أيام الاختبارات، عبر تدريب الطالب منذ سنوات دراسته الأولى، على المذاكرة أولاً بأول، وحين يأتي موسم الاختبارات يقوم بالمرور على المنهج، لاستعادة المعلومات فقط، وليس لحفظها وفهمها، وكأنه يطَّلع عليها لأول مرة.