عاش حضور أمسية الشاعرة فوزية أبو خالد حالة شعرية، وشكل من أشكاله، تنازعت فيه الأطراف بين مؤيد ومعارض، فبلغة النثر الرشيقة والمعبرة نثرت أبو خالد البارحة الأولى عصارة فكرها المهموم بالعديد من التحولات العجيبة التي طغت على مجريات حياتها خاصة والمجتمع عامة، لتنتصر عبرها للمرأة السعودية، وترسخ حضورها الإبداعي. أمسية الدكتورة فوزية أبو خالد التي أطلقت الأمسيات في جناح المملكة المشارك في أنشطة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال 42، جاء تناولها عجيبا وظريفا، صاحبها مقدمة من مدير الأمسية الإذاعي عبد المحسن الحارثي، الذي استثار الشاعرة بكلمته التي قالها عندما استمع الجميع لبعض من نصوصها الشعرية، والقصائد القصيرة: «إنها نصوص تنضح منها عنصرية غارقة في دفاع مستميت عن المرأة، وعوالمها المثيرة، لتوهم بأن حالة من النصر قد دنت، واقتربت لهذا الكيان الذي أحدث حالة من الصدام والجدلية عن حقيقة دوره، وعطائه، فمن المقبرة تصور مجريات الحياة عند المرأة، ومن ديوان شجن الجماد تنغمس في حنين وذكريات تقود إلى شرح مفصل أظهرته قصائدها بالصوت والصورة، معبرة عن كل شاردة وواردة في حياتها، وحياة الأمة من حولها، مختزلة الحدث والحديث في بضعة مواقف غيرت من مجرى الحياة، وأحدثت التحول الصارخ في فكرها وطريقة بنائها للنص، وتناولها للحدث». وبعد استراحة سريعة فتشت أبو خالد في أوراقها عبر جولتها الثانية من عمر الأمسية، لتخرج شيئا من حديثها النثري الذي طوعته لصالح فكرتها، ومن ذلك يظهر جليا في نص «ورقة» الذي عاد بنا إلى وصف دقيق لحالة الشغب بالأشياء الحبيبة وطفولة اللعب، حيث تقول: «يحبسونني شيئا أو جمادا لا يحلفون بمشاعري الحبيسة بين فراغات الخطوط يمرون مسرعين لا يسمعون دقات قلبي» وعادت مرة أخرى لتتجه صوب الفلسفة الفكرية التي تأثرت بها، لتنم عن حالة الفكر التي تعيشها الشاعرة، واستطاعت أن تخترق ذهنية المتلقي عبر هذه الحالة في جو من الإعجاب بالتركيب اللفظي الأقرب إلى النص الفلسفي، ومن ذلك ما تقوله في في نص «كره»: «تؤلمني هذه العصافير المزعجة كلما خبطت أجنحتها في الفضاء وراحت تغني وكأنها تسخر من سطوتي أو تظنني وحدي في الحصار» توالت قصائد أبو خالد مسترسلة الأجواء الشعرية، حيث أثارت انتباه الحضور باستمرار، ولا سيما عبر قصيدة «النساء» التي أهدتها إلى نساء الوطن العربي. فوزية أبو خالد أشارت إلى أنه يوجد قصائد طويلة وقصيرة، وبعض القصائد المختزلة، أو القصيدة اللحظية، التي عرفها الشعر الياباني، وتلت من ذلك قصيدة «هوية»، و«الماء»، و«ننعم بالرعب»، واختتمت بقصيدة غزلية بناء على طلب الحضور. وأقفلت أبو خالد أمسيتها باعتراف «أن المرأة الشاعرة كانت تخفي حالة الحب الذي تعيشه، وجاء الوقت الذي تظهره وبلا هواده»، لتقرأ قصائد ختامية ذات طابع مرموق يعزز شخصية المرأة السعودية الإبداعية.