تخيل.. بعد سنوات العيش الجميل مع شريكة حياتك، بحلو الزمان ومره والكدح المشترك بينكما، واكتحال العين بالذرية تحفها أدعية الستر والصلاح؛ تصحو من الغد على معول «التقاليد»، وهي تهدم الاستقرار والسكن وتجردك من زوجك، وحبة قلبك وسواد عينك، وتقضي على الميثاق الغليظ غير مبالية بأسرة مترابطة وأبناء محتضنين.. فقط؛ لأن صوت العرف وإن جاء متأخرا يعلو فوق أي صوت وإن كان على حساب الهدم والتشريد وقيمة الإنسان. أن يضع كل واحد نفسه في تلك المساحة المتخيلة، سيجعلنا نفهم كيف كان يعيش «منصور التيماني»، و«فاطمة العزاز»، طوال سنوات أربع بعد الحكم بتفريقهما لعدم تكافؤ النسب، الذي لم يعترف بالسنوات التي قضياها قبل الحكم ورزقا فيها بنهى وسليمان، حيث كان قدرهما التشريد بين جهتين: البنت مع أبيها والابن مع والدته التي اختارت الاستقرار في دار الحضانة في الدمام كبادرة وفاء ملخصها: لن أعيش إلا في جلباب زوجي. من خلال معايشتي لشيء من ألم القصة: لم تزل دموع منصور تسكن ذاكرتي قبل أربعة أعوام وقت ظهوره على قناة الإخبارية مع بداية الحادثة، وهو يناشد أهل الوجاهة والمعروف السعي إلى إنقاذ أسرته، شاردا طوال وقته بالألم والدمع، ويد صغيرته نهى لا تفارق يده متمتما «حرام عليهم»، أما فاطمة فكانت تردد «دار الحضانة أحب إلي مما يدعونني إليه»، فقضت فيها سنوات عجاف، وحسبكم أن تحرم «أم» من رؤية فلذة كبدها أربعة أعوام متصلة لا وصال بينهما سوى عبر الصور. بعد هذا كله.. لا لوم إن احتفت الصحافة ووسائل الإعلام يوم أمس وزفت الخبر السعيد بنقض المحكمة العليا في الرياض حكم طلاق فاطمة من منصور بحجة «عدم تكافؤ النسب»، لأن المشهد كان يلخص في واقعه حالة إنسانية لا سابقة لها في دوائر القضاء، أخذ فيها صوت العرف والتقليد حيزا جرد فيه كل معايير الإنسانية والبر ورباط الرحم من قيمها ومدلولاتها الشرعية، وحور ارتضاء الدين والخلق كمعيار للارتباط إلى جعل النسب والحسب شرطا أوليا نافذا حتى بعد الزواج. إن الحادثة بظرفها الزمني وتحولاتها، تفتح نافذة جديدة لآفاق العدل، وإيجاد قواعد قضائية صارمة تكفل تصحيح التجاوزات في السلك القضائي. أما منصور وفاطمة: فليهنكما الحب والوفاء والصبر والتضحية.. فقد كرستما قصة جديدة تسطرها الذاكرة عن الحب، لتزيح روميو وجولييت إلى منصور وفاطمة، مع فارق المعاناة ونائبات الزمان.. وليحفظ الله لكما نهى وسليمان. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة