لدي صديق عزيز حياته مزدحمة بالتجارب الثرية، الا أنه يشعر بألم شديد في رأسه كلما جاء الحديث عن حق الاختلاف في وجهات النظر لذلك سرعان ما يتوسل إلي أن أغير الموضوع، وتعود أسباب ألم رأسه المتكرر إلى موقف حدث له في سنوات الطفولة حين وضعت والدته الغداء له وإخوته فعبر عن تذمره من طريقة الطبخ، فلم يكن من أمه الحنون سوى أن ضربته بالمغرفة على رأسه وهي تقول: (أحمد ربك ولا تكثر البربرة)!. تذكرت مغرفة والدة صديقي حين أبلغني قارئ من تبوك أن التخلص من مياه الأمطار يتم عن طريق تقنية (الغرف)!، حيث تقوم الرافعات (الشيولات) بغرف المياه ثم سكبها في مكان آخر، وهكذا (من الشفط إلى الغرف.. ويا قلب لا تنشف)، ولن يكون أمرا غريبا لو قام نادي الوطني في تبوك بترتيب مباراة خيرية مع نادي (الغرافة) القطري يخصص ريعها لشراء (شيولات) إضافية تكون جاهزة ل(غرف) المياه من الأحياء عند هطول أمطار غزيرة في المستقبل!. أما أساليب غرف الماء فهي متعددة في وجداننا الشعبي حيث نقول: (فلان يغرف من بحر) حين نتحدث عن شخص يبدد الأموال دون حساب، وفي موضوع تصريف المياه بالذات يبدو لي أننا أهدرنا أموالا طائلة على مشاريع البنية التحتية دون أن ننتبه إلى أن هذه المشاريع سوف تغرق في شبر ماء ما لم تتوفر شبكات متطورة لتصريف السيول، فما هي قيمة المستشفى الكبير إذا كان الأطباء سوف يتجولون في الأجنحة وهم يرتدون ملابس الغوص؟، وماذا نفعل بالطرق السريعة إذا قام رجال المرور بالدوريات عبر الجت سكي؟، تخيلوا.. حتى الدفاع المدني لم يعد خصمه الرئيسي النار بل الماء!. وهكذا كلما (دق الزير في المغراف) قيل لنا أن ميزانية شبكة التصريف لم تكن كافية، وقد أثبتت الأيام أن جدة ليست المدينة الوحيدة التي تعاني مشاكل تصريف المياه، فها هي تبوك تتنفس تحت الماء، أما الرياض فقد اتضح أن شبكة تصريف المياه لا تغطي أغلب أحياء العاصمة، وهذا يعني أن كل مدننا ممنوعة من الصرف، حتى أننا لم نعد بحاجة إلى مهندسين قدر حاجتنا إلى أساتذة في النحو يبحثون عن حروف (العلة) ويلغون أدوات (الاستثناء) ويقضون على أدوات (النصب)!. لو عدنا إلى ثقافتنا الشعبية لوجدنا كنزا من الأمثال والحكم التي تدعو الإنسان للتعامل بسلبية شديدة مع كل ما يدور حوله حيث تؤكد هذه الأمثال أن محاولة إصلاح الآخرين عملية عبثية، ومن ذلك المثل الذي يقول: (يا داق المويه في المهراس..يا مأدب وليد الناس)، ولكننا لا نريد أن ندق الماء ولا نشفطه ولا نغرفه، وليس لدينا أية رغبة في انتقاد (وليد الناس) هذا، كل ما نريده هو تصريف المياه بطريقة عصرية، قلت لصديقي ذلك فازداد وجع رأسه وقال: (ياعمي إذا كانت أميمتي الحنون صقعتني بالمغرفة.. كيف تبغاني أتناقش مع وليد الناس؟!). [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة