حذرت قبل سنتين في مقال بجريدة المدينة من كون السماح بزيادة ادوار المباني بالتقسيط سيؤدي الى هدم معظم العمائر القصيرة بجدة وازالة غالبية الفلل القديمة وقد حدث الآن ما حذرت منه فما ان سمحت امانة جدة بارتفاع العمائر لاربع ادوار مع الفيللا الهدية حتى نشطت صناعة الهدم في جدة نشاطا عظيما فلا تمر بشارع او زقاق الا وترى الشيولات قائمة بالهدم والازالة ولا ندري ما الذي سيبقى من بيوت جدة القديمة بعد خمس او عشر سنوات والشيول جهاز عجيب وقوي وله ذراع حديدية جبارة ومغرف بخمسة اصابع مثل اصابع يد الانسان يزيد حجمها او يصغر حسب نوع الجهاز وهي تخمش الارض للعمق وتحفر حفرة عميقة في ساعات ولو توفرت هذه الشيولات في الماضي لحفر ديليسبس قناة السويس في عشرة اشهر بدلا من عشر سنوات واستعجب من قدرة الشيول على هدم العمائر الراسخة بسرعة ففي ظرف يومين فقط يستطيع الشويل ان يسوي بالارض عمارة من سبعة ادوار وقد قلت في نفسي لابد ان تكون علاقتي طيبة مع سائقي الشيولات لانه لو خاصمني احدهم وحقد علي فمن الممكن ان يأتي في ليلة ظلماء ويسوي بيتي بالارض ثم يختفي من على وجه الارض. ولخوفي مايبرره فقد ذكرت صحيفة المدينة انه حدث خلاف بين عامل بناء وسائق شيول فما كان من سائق الشيول الا ان صعد جهازه القوي ووجه بذراع الشيول الحديدي لطمة قوية الى غريمه اودت بحياته على الفور. ومع تفاؤل بعض الناس بظهور الشيول لان قدومه يعني المشاريع والطرق والمولات الا ان منظره يثير الرعب في قلوب المتعدين على الاراضي الحكومية لانهم كلما وضعوا اليد على ارض الحكومة جاءهم شيول الامانة وخيب آمالهم. والغريب ان سائقي الشيولات يأتون من منطقة واحدة تقريبا هي بلدة شبوة باليمن ربما لتقارب الاسم بين شبوة وشيول ولا ادري السبب لماذا تحتكر بعض الجنسيات مهنة محددة فمثلا يتخصص الاحباش في وايتات الصرف الصحي ويحتكر الباكستانيون وايتات ماء التحلية ومهنة الاندونيسيين السواقة و المصريون يديرون مكاتب تأجير السيارات. وقد زارني بعيادتي بغرض الكشف لا غرض الهدم واحد من سائقي الشيولات فامتدحت جسارة ابناء مهنته وكيف انهم يتحركون بالشيول على حافة اكوام ترابية شاهقة كالغزلان ويوجهون من هذا الوضع الخطير ضرباتهم العنيفة الى العمائر العالية ولايخافون سقوط الشيول وموت سائقه فقال لي اسمع هذي القصة لقد طلب منا هدم عمارة شاهقة في قلب منطقة البلد بجدة فلم يجسر على ذلك احد فتقدمت لها وصعدت بالشيول على اكمة تراب عالية صنعتها بنفس شيولي وكنت في اعلاها كالطير في اعلى الشجرة وقمت من هذا الموضع الخطير بهدم العمارة كلها في اربعة ايام وبعد ان سمعت كلامه قمت بالكشف عليه بمنتهى الادب والاحترام.. وبالمجان.