لو أن مطرا بلل بعض مقاعد مقاهي الشانزلزيه أو كوبا من الماء اندلق على طاولة في السوليدير لربما حرك ذلك مشاعر بعض الكتاب أكثر مما حركته سيول جرفت الأجساد الحية وهدمت البيوت المسكونة وطمرت المركبات المأهولة!! هؤلاء المتبلدين حسيا وذهنيا وعاطفيا لم يستمروا في سباتهم العميق فيرحموا ولم يستيقظوا ليمسحوا على الجراح فيعطفوا، وإنما استيقظت فيهم أحاسيس لا حياة فيها رقصت على الآلام وغرست مخالبها في الجراح وكأنها تعيش في بعد زمني آخر كالبعد الإنساني الآخر الذي تحبس نفسها فيه بعيدا عن واقع الناس!! لا أعرف مصدر قوتهم الجبارة على التعايش بسلام مع مواقفهم المتخاذلة تجاه أهل مدينتهم المنكوبين في أحبابهم وأموالهم لكنها بكل تأكيد نفس القوة التي يستمدون منها طاقتهم على سلوك الطريق المعاكس والسباحة عكس التيار بحثا عن شهرة زائفة لو تجسدت لهم لوجدوها شفافة لا تستر هياكلهم العظمية!! هم أحرار في أن يعيشوا في صوامعهم المنعزلة وأن يحلموا بفناجين قهوة الشانزلزيه ويتغنوا بصحون فول السوليدير ويتغزلوا بنادلات مقاهي فنادق بيروت ما شاءوا أن يحلموا ما داموا قادرين على التعايش مع ضمائرهم المثقوبة .. لكن ما ليسوا فيه أحرارا هو أن يدوسوا على الجراح النازفة وينحازوا إلى الفساد والتقصير ليردوا عنه سهام النقد أو يبعدوا عنه ظلال المسؤولية!! وإذا كانت كارثة السيول قد عرت الكثير من أوجه الفساد والتقصير وسوء الإدارة في جدة على مدى عقود من الزمن، فإنها عرت أيضا الكثير ممن كانوا يتغنون بحبها فإذا بهم أول من يرقص على آلامها ويضغط على جراحها، أما كتاب النعاس فلم يكونوا بحاجة للتعرية لأن أحرفهم أصلا عارية!! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 153 مسافة ثم الرسالة