على الرغم من اقتحام الفتيات مختلف مجالات العمل، إلا أن كثيرا من الأسر ما تزال تنظر إلى عمل المرأة بشيء من الريبة، إن لم تكن تلك النظرة القاصرة التي تحتقر الفتاة العاملة خصوصا في بعض الأعمال التي ينظر إليها على أنها معيبة، بل يرون أنها قد تسيء إلى أسرة الفتاة العاملة وفقا لبعض العادات والتقاليد السائدة التي قد تتحكم في مستقبل الحياة العملية للفتاة. هروب الخطيب تروي فتاة قصتها مع العيب فتقول: أكملت الثانوية وتوقفت عن الدراسة، ثم درست التجميل بتشجيع أسرتي، وعملت في صالون تجميل إلى أن أتقنت العمل ثم وعدني والدي باستئجار مكان خاص بي واستمررت أكثر من ثلاث سنوات، ثم تقدم لي شاب لخطبتي وعندما حضر لرؤيتي أبلغته بظروف عملي الذي ربما يمتد لساعات، فرفض وخرج فورا. ماذا سيقول الناس تقول جيهان (تخصص لغة عربية) انتظرت كثيرا بعد تخرجي في الجامعة ولم أحظ بالتعيين، ولدي موهبة في الخياطة فدرست في معهد وبدأت العمل في الخياطة لأفراد عائلتنا، وكنت أخطط أن أفتح مشغلا خاصا بعد موافقة والدي، إلا أن ما حدث كان مفاجأة غير سارة، فقد رفضت والدتي بشدة وهددت والدي إذا استمر في دعمي، معللة بقولها «ماذا سيقول الناس.. ابنتي خياطة» وكبر الشجار بين والدي في محاولة كل منهما إثبات وجهة نظره، فلم أجد أمامي إلا أن أوقف المشروع وتخليت عن موهبتي، ثم بحثت عن عمل في مدرسة خاصة. عار البازار وتروي أخرى واقعتها: أمام إصرار أسرتي أكملت الثانوية بصعوبة بالغة وبالرغم من كرهي للدراسة، إلا أني أعشق الطبخ وابتكار الأكلات الجديدة، فشجعتني أسرتي وبدأت مشروعي بنجاح وأصبحت أبيع على نطاق أوسع وأشارك في البازارات، إلى أن جاء ذلك اليوم حين فجأني أخي الأكبر بالضرب أمام أسرتي، وعن سبب ضربه لي، قال: إنني أسبب له العار، حيث أبلغته خطيبته بأنها رأتني في بازار، ما أحرجها أمام الحاضرات، فجميع أفراد أسرتي مقتنعون أن عملي ليس عيبا، لكن مع تهديد أخي بمقاطعة الأسرة، فضلت ترك المهنة. إلى ذلك تعلق الإخصائية الاجتماعية نورة محمد: للأسف نجد كثيرا من الأسر ما تزال تعيش في حاجز فرضته لنفسها وفقا لقناعات معينة، كما نجد البعض يجيز للذكور ما يمنعه على الإناث ومن ضمنها حاجز العيب في كثير من الأمور، منها العمل حيث يطبع العديد بناته بطابع عدم العمل سوى في التعليم، وهذا يؤثر سلبا على الفتيات والمجتمع، ويكون تأثيره في تقييدهن بدون مبرر، فكثير من الفتيات يبرعن في الأعمال الحرفية والفنية، في المقابل نجد كثيرا من الأسر يقمع رغبة الفتاة ولا يعطيها الحق في ممارسة عمل تحبه، وهذا يصيب الفتاة بعدم الثقة في نفسها وعدم القدرة على اتخاذ أي قرار، وبالتالي سوف يؤثر سلبا على تربيتها لأبنائها، لذا من المهم أن يعرف ولي الأمر أو صاحب القرار في المنزل أن الفتاة من حقها اتخاذ القرار الذي يتماشي مع موهبتها وقدرتها، وأن نغرس فيها أن المجتمع بحاجة لها ولعطائها.