ضمن مشروع تنمية حس المرأة السعودية في مجال الأزياء وتوطين صناعة الملبوسات بمنطقة مكةالمكرمة، استقطبت أحد دور الأزياء والعبايات 60 فتاة سعودية ما بين مصممات وخيّاطات ومطرزات، للعمل في خياطة فساتين الأفراح والسهرات والعبايات واللحف والمفارش والسجاجيد وكل ما يخص المرأة والأسرة بصفة عامة. ووصف نائب رئيس طائفة الخياطين بمنطقة مكةالمكرمة خبير الأزياء محمد الشهري الفتيات السعوديات بأنهن مبدعات في مجال تصميم وخياطة وتطريز الأزياء، وأظهرن موهبة خلاقة استطعن من خلالها مواكبة من سبقهن في وقت وجيز، مرجعاً ذلك إلى أن حب الأزياء يجري في دماء المرأة السعودية التي تسعى دائماً للبحث عن الجديد وتتابع الموضة و«الفاشن» وتستطيع التحكم بالألوان، وهذا ما ساعد الفتاة السعودية في الانخراط في مجال الخياطة لقربها من الأزياء بصفة عامة. وتجاوزت الفتاة السعودية مرحلة الوجاهة الاجتماعية وانخرطت في سوق العمل خيّاطة ومطرزة براتب يبدأ من 2000 ريال ويزيد بحسب المرتبة وسنوات الخبرة، وأوضح الشهري «عملنا كثيراً حتى نكسر حاجز العيب، ونلغي النظرة الدونية للخيّاطة، فالخياطة مهنة عمل بها الأنبياء، وقد كان النبي إدريس عليه السلام يعمل خياطاً، وعندما قدمت من الجنوب كان والدي شيخ قبيلة وعمي الآن شيخ قبيلة وبدأت العمل خياطاً في مكة حتى أؤكد للشباب والفتيات المتخوفين أن المهنة ليست عيباً، ومادام فيها عمل ومصلحة فليس بها أي عيب ولا تشكل عائقاً في أمور الحياة، فالأفضل للفتاة أن تعمل وتصرف على نفسها وتثبت وجودها من أن تجلس في البيت عاطلة»، مؤكداً عدم اشتراط الشهادات للتوظيف «فيكفي أن يكون لديها رغبة في العمل ونحن نقوم بتدريبها وتعليمها وتوظيفها، وإذا كان لديها رغبة فتتعلم بسرعة وتبدع»، مشيراً ألى أنه حين أعلن عن وجود وظائف عن طريق فروعهم، التي تبلغ 18 فرعاً في أنحاء المملكة، وعن طريق مواقعهم عبر «الانترنت»، وأيضاً عن طريق مركز الموارد البشرية في التدريب والخياطة والتطريز لدعم «السعودة»، وعبر مسابقة موهبتي لاكتشاف مواهب الفتيات السعوديات «تفاجأنا بالإقبال الكبير من المصممات والخياطات وانجازاتهن الجميلة، فكان من ضمن المتقدمات خريجات كليات الاقتصاد المنزلي، وفتيات حصلن على دورات من معاهد عدة مختلفة، والبعض الآخر لديهن هواية الرسم والخياطة وموهوبات، فعملنا على صقل المواهب بتدريبهن وتوظيفهن». وعن العقبات التي تواجه الخياطة السعودية قال الشهري : «أكثر العقبات أسرية من ناحية المركز الاجتماعي وضغط العمل والمواصلات لكنها بدأت تتلاشى مع تفهم الأسرة مع سوق ومتطلبات العمل، لكن المرأة المتزوجة التي لديها مسؤوليات قد تواجهها عقبات في أوقات العمل، إذ إن العمل ينقسم الى دوام صباحي من الساعة الثامنة صباحاً الى الرابعة عصراً، و»شفت مسائي» من الرابعة عصراً حتى العاشرة والنصف ليلاً، ونحن نعطيها حرية اختيار وقت الدوام بما يناسبها». ولفت إلى أن الزبونة ترتاح أكثر الى المصممة والخيّاطة السعودية، والسبب أن أكثر شخص يتفهم ذوق المرأة هو المرأة نفسها، والفتاة السعودية بحكم معايشتها لمجتمع النساء لديها إلمام ومعرفة بذوق المرأة السعودية وما تتطلبه من تصاميم وألوان، والأهم أن لديها إلماماً ومتابعة كاملة بالموضة والألوان والقصات، ومتابعة دائمة لعروض الأزياء للمصممين العالميين، «فعندما تكون المصممة أو الخيّاطة ملمة بأدق التفاصيل تستطيع تقديم الخدمة للزبونة بكل ثقة، أما إذا لم يكن لديها إلمام وثقافة في «الفاشن» فتشعر الزبونة أنها «المصممة» متأخرة عن مواكبة الموضة، وذلك يؤدي الى تناقض وتنافر بين العميل والمصمم». ويرى الشهري أن الفتاة السعودية أثبتت نفسها في مجال الخياطة، وأصبح الحلم واقعاً ملموساً يسعى القائمون على تحقيقه لتغطية سوق العمل بالفتيات والشباب السعوديين، وأن السنوات المقبلة ستصبح معامل العمالة الوافدة من الماضي، و نطمح الى تغطية مجال الخياطة والتطريز بالفتيات والشباب السعوديين والقضاء على العمالة المتخلفة الذين يعملون تحت الدرج وفي البدروم، إذ اكتشفنا خلال جولاتنا على المصانع كثيراً من الأسر المتخلفة والخادمات الهاربات من كفلائهن يعملن من دون إقامة نظامية ويأخذن رواتب، أبناء وبنات البلد أحق بهذا الراتب»، موضحاً «نسعى أن يأتي يوم يكون فيه شبه اكتفاء ذاتي، لأن المجال كبير، ومستحيل مهما كان العمل أن تستطيع الفتاة السعودية أن تحل محل العامل الهندي أو البنغالي لأن العامل الوافد يستطيع العمل على الماكينة لمدة ما يقارب 18 ساعة في اليوم وينام ست ساعات فقط، ومن الممكن أن يظل يعمل على الماكينة لمدة أربع ساعات متواصلة، بينما الفتاة السعودية من ممكن أن تعمل وتبدع بفن، لكنها لا تستطيع المكوث أكثر من نصف ساعة على الماكينة من دون اخذ دقائق للراحة»، منبهاً إلى أنهم يستطيعون تغطية 60 في المئة من حاجة السوق في المدخولات المادية المرتفعة، كتصميم العبايات وفساتين الأفراح والسجاجيد واللحف والمفارش وتجهيز العرائس، «ونستفيد من العمالة الوافدة في صناعة ما يتطلب جهداً أكبر وضغط عمل متواصلاً، مثل الزي الموحد الذي يستدعي إنتاج كميات كبيرة في وقت محدد، أما العمل الذي يتطلب اللمسات الجميلة نعطيه للفتاة السعودية».