في عام 1981م اجتمع زعماء الخليج في أواخر شهر مايو في «أبو ظبي» ليؤسسوا مجلس التعاون لدول الخليج العربية. في ذاك الوقت كان الجميع وفي كل دول الخليج يرددون «كلنا للخليج والخليج لنا»، وكانت لدى الحكومات والشعوب أحلام كثيرة حول هذا المجلس الذي سيجعل دول الخليج قوة إقليمية على المستوى السياسي والاقتصادي. كنا مراهقين، لا نفهم كثيرا في السياسة ولا في الاقتصاد، لكن فرحنا كان عارما، وكان للأغنية وقعها القوي في داخلنا، كانت تمنحنا مساحة شاسعة من الحلم. مضت بنا السنون، وولدت فكرة الاتحاد الأوروبي، ففي عام 1986م فكرت دول أوروبا بشكل جدي في «الاتحاد الكونفدرالي»، وبرزت فكرة توحيد أوروبا من أجل فسح الطريق أمام اكتمال السوق المشتركة. في عام 1992م تأسس الاتحاد الأوروبي (EU) من خلال معاهدة «ماستريشت»، منذ ذلك الوقت بدأ التعاون بين حكومات الدول الأعضاء في مجالات السياسة الخارجية والأمنية، إضافة للقضاء الداخلي. بعد ثلاث سنوات توسع الاتحاد الأوروبي ليشمل 15 بلدا، وبدأ الإعداد لتوحيد العملة، وحدث هذا في 1999م بشكل ليس جبريا، ومنحت الدول الأعضاء ثلاث سنوات ليصبح التعامل بالعملة الجديدة رسميا، وحدث هذا أيضا ففي 2002م بدأ التعامل النقدي باليورو عملة رسمية للأعضاء. اليوم الاتحاد الأوروبي له صوت واحد على مستوى السياسة الخارجية، وأصبح المواطن يتنقل بين الدول على أنها وطنه، حتى الأجنبي يكفيه أن يحصل على «فيزة» من أية دولة لتفتح له أبواب الدول الأخرى. اليوم ما زال مجلس التعاون يسير ببطء، وما زالت فكرة التوحد تمشي ببطء، وما زلنا نغني بصدق «كلنا للخليج»، وما زال حلم «الاتحاد الكونفدرالي» معلقا في سماء الخليج. اليوم المواطن الخليجي ينظر للاتحاد الأوروبي بشيء من الغبطة وقليل من الحسد، ويتساءل: كيف توحدت دول مختلفة في لغاتها وثقافاتها، مختلفة إلى حد أنه لم يمض 60 عاما على الحرب العالمية التي قتلت 50 مليون أوروبي وعلى أيدي بعضهم البعض؟ بالأمس قادة الخليج اجتمعوا في الكويت، وغالبية شعوب الخليج كانت لديهم ثقة بأن مصالحهم وأمنهم ورفاهيتهم ومستقبلهم هي أول اهتمامات المجلس. اليوم، الشرق الأوسط يقف تحت بركان يغلي، وهناك شرق أوسط جديد بتصور وسيناريو أمريكي، وآخر أوروبي، وشرق أوسط جديد برؤية إيرانية، وآخر برؤية صهيونية ترى أن بقاء إسرائيل مستمد من مزيد من التشرذم العربي. اليوم أتساءل: أما آن لهذا الحلم أن يصبح واقعا، ألا يحق لأبناء الخليج صناعة شرق أوسط جديد يحقق مصالحهم، وهل ما زال الطريق طويلا، ومن يعيقه، ومن يمنع الكونفدرالية الخليجية؟ تنويه: الاتحاد الكونفدرالي : هو الاتحاد الذي ينشأ بموجب معاهدة تتحالف فيها الدول المشتركة على أن تحتفظ كل منها بشخصيتها الدولية، وعلى أن تنشأ هيئة مشتركة تعهد إليها مجموعة الدول بتصريف شؤونها الدولية، كإبرام المعاهدات والتمثيل السياسي، وإعداد الجيش وإعلان الحرب والصلح ويتناول أحيانا أمورا داخلية مثل «سك عملة موحدة» وإنشاء سوق اقتصادية مشتركة. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة