تمت الكتابة في الحلقة السابقة عن موضوع الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في اجتماع القمة الخليجية بدورتها (32) في الرياض، المتضمنة مقترح انتقال دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من «التعاون للاتحاد» ، وعن الترحيب الذي لاقته الدعوة من الخليجيين، دولا ومواطنين، كونها دعوة ذات أهمية لحاضرهم ومستقبلهم، وكونها إذا ما تحققت وتوحد الخليجيون، تخدم مصالحهم وتعود عليهم بالقوة والمنعة، لما لها من فوائد جمة وعظيمة، في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ... إلخ. وأشير في الحلقة المذكورة إلى تجاوب القادة الخليجيين مع الدعوة وتوجيههم بتشكيل هيئة ممثلة دولهم لمهمة دراستها ورفع توصياتها لهم ليتسنى اتخاذ ما يرونه، والذي يأمل الخليجيون أن يكون ذلك خيرا إن شاء الله. كما ذكر في الحلقة إمكانية البدء في مرحلة الاتحاد الكونفدرالي ومن ثم، بعد فترة مناسبة تلي ذلك، يتم الانتقال للاتحاد الفدرالي (كما حصل في سويسرا)، وهو الاتحاد الأقوى وأكثر فوائد للخليجيين.. وفيما يلي نبذة مختصرة لكلا الاتحادين: الاتحاد الكونفدرالي يتكون من اتحاد دولتين أو أكثر بموجب معاهدة تتضمن أهدافا متفق عليها من قبل الدول الأعضاء في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ... إلخ. وباتفاق من دول الاتحاد تشكل هيئة تنسيق من ممثلين متساوين لهذه الدول مهمتها، بالإضافة إلى الإشراف العام على شؤون الاتحاد، تنفيذ نصوص المعاهدة المتفق عليها، واتخاذ القرارات بالإجماع في المجالات التي تنازلت عنها دول الاتحاد وحددت في المعاهدة. بهذا تحتفظ كل دولة في الاتحاد بخصوصيتها وسيادتها وشخصيتها المستقلة، وتبقى كل دولة على جنسية مواطنيها، وتمارس سياستها الخارجية، ولها إعلان الحرب وعليها تقع مسؤولية مخالفتها قوانين وأنظمة المجتمع الدولي، وإذا ما نشبت حرب بين دول الاتحاد تعتبر حربا دولية، وفوق هذا كله يحق لكل دولة عضو في الاتحاد الانسحاب منه متى شاءت. ومما ذكر يتضح أن الاتحاد الكونفدرالي يولد ضعيفا ومهددا بتفككه، والمثال الحي حاليا على مثل هذا الاتحاد هو: دول الاتحاد الأوروبي. أما الاتحاد الفدرالي فيتكون من دول أو أقاليم تجتمع وتتفق بحرية وطواعية على إقامته ومن ثم تحكم بموجب دستور فدرالي تتم صياغته من قبل هيئة تشكل لهذا الغرض، ويعرض للاستفتاء الشعبي، وبعد قبوله يصادق عليه من قبل البرلمان الفدرالي (السلطة التشريعية) الممثلة فيه كل الأقاليم. يعتبر هذا الدستور أعلى قانون في الاتحاد ويخضع له جميع الأفراد والأقاليم، وفيه موضحة صلاحيات واختصاصات الحكومة الفدرالية (التنفيذية) التي تشمل بشكل عام الدفاع وإعلان الحرب وعقد الاتفاقات والمعاهدات الدولية وممارسة السياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية للاتحاد. وفي هذا الاتحاد تتخذ القرارات بأكثرية الأصوات. وما لم يشمله الدستور الفدرالي يعتبر من صلاحيات الأقاليم (أو الولايات كما في الولاياتالمتحدةالأمريكية)، ولكل إقليم دستور يتم بموجبه تنظيم وإدارة الحكومة المحلية (التنفيذية)، وبموجبه أيضا ينتخب مجلس تشريعي للإقليم أو الولاية، ولكل إقليم استقلاله الذاتي ضمن الاتحاد الفدرالي (المركزي). وبالمقارنة، فإن الاتحاد الفدرالي يتميز على الاتحاد الكونفدرالي من حيث إن فوائده أكثر، ويقام بهدف استمراره بشكل دائم على أساس من الحرية والتعددية والديمقراطية وتعايش مواطنيه في الأقاليم بسلام، والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات.. والله الموفق.