جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة الخليج الثانية والثلاثين في الرياض ليشكل منعطفا مهما ومفصليا في تاريخ مجلس التعاون الخليجي، حيث دعا إلى الانتقال من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد وهو ما جعل مضامين وأفكار هذا الخطاب تجد صدى كبيرا على المستوى الإقليمي والعربي والعالمي ولأن الخطاب مثل نقطة تحول نحو تحقيق مشروع وحدوي شامل ومتكامل.. يتحدث هنا نخبة من الباحثين والأكاديميين في الحقل السياسي عن الصيغة المثلى لتحقيق ما تطلع إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز من وحدة خليجية وهل هي وحدة كونفدرالية ثم ما هي الخطوات التي يمكن أن يتم أتباعها في هذا الصدد؟. في البدء تحدث عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل قائلا: عندما تتوافر ما بين دول معينة ما يسمى بدوافع الانصهار والتعاون الدولي وهي الدوافع الأربعة التالية أولا التجاور الجغرافي والتماثل الاجتماعي ثانيا ووجود مصالح مشتركة مؤكدة ثالثا ووجود أخطار مشتركة مؤكدة رابعا ووجود تماثل في القيم والأيدولوجيات السياسية عندما تتوافر هذه الدوافع يكون اختيار صيغة التعاون والتكامل والانصهار في ما بين هذه الدول وهناك عدة صيغ هيكلية لتنظيم التعاون في ما بين الدول الساعية للتكامل في ما بينها وأبرز هذه الصيغ هي: أولا: إقامة منظمة دولية حكومية إقليمية شاملة ل (اتحاد كونفدرالي) وهذا يعني احتفاظ الدول الأعضاء في المحاولة التكاملية بالجزء الأكبر من سيادتها مع إقامة كيان (منظمة) لتنظيم التعاون ما بينها في مجالات الحياة العامة الرئيسة الأربعة: الاقتصاد، السياسة، الاجتماع، والزمن ومن الأمثلة على هذا النوع من المنظمات أو الاتحادات الكونفدرالية كل من الاتحاد الأوروبي، منظمة الوحدة الأمريكية، مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاتحاد الأفريقي كل هذه المنظمات تعتبر اتحادات كونفدرالية ولكن هناك ما يسمى بانصهار الدول الأعضاء (مستوى الاتحاد) وثمة فرق ما بين الوحدة والاتحاد وعندما تقارن بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي تجد أن درجة الاتحاد الأوروبي أعلى من مستوى التعاون ومنذ بداية إنشاء مجلس التعاون الخليجي اعتبر مشروع اتحاد كونفدرالي ولكن هذا الاتحاد الخليجي لم يصل إلى درجة عالية تذكر كما حصل في الاتحاد الأوروبي. ثانيا: هناك ما يسمى بالاتحاد الفيدرالي وهي قيام دولتين أو أكثر بالانصهار فيما بينها وتكوين دولة واحدة من عدة دول سابقة. وأمثلة على ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية والهند وماليزيا وغيرها. وأعتقد أن المقصود فيما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو أن يتحول مجلس التعاون إلى مستوى أعلى مما هو في الوضع الحالي، ليصبح كونفدرالية ذات مستوى عال من الاتحاد تماثل وتشابه الكونفدرالية الأوروبية وغيرها من الكونفدارليات ذات المستوى العالي. وقال الدكتور خالد الدخيل الكاتب السياسي: الصيغة الأفضل لوحدة مجلس التعاون هي الوحدة الفيدرالية بحيث تكون هناك وحدة مالية ووحدة عسكرية ووحدة للسياسة الخارجية تتولاها حكومة فيدرالية يتم التناوب عليها بين دول الاتحاد والشرط الأول والأساسي والضروري لهذه الوحدة هو أن تتأسس على تصويت شعبي من أجل أن تتحقق لها قاعدة شعبية والانتقال إلى هذه الصيغة يتطلب إصلاحات سياسية ودستورية في كل دولة من دول المجلس. وتحدث الباحث الاستراتيجي الدكتور أنور عشقي قائلا: خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فاجأ الجميع بهذه الدعوة التي تزيد من لم الشمل بالنسبة لمجلس التعاون وتحويله إلى اتحاد، وأنا على يقين بأن هذه الدعوة لها جوانب عدة أولا القصد من ذلك أن المرحلة القادمة يجب أن تكون مثل الاتحاد الأوروبي والغرض من ذلك هو توحيد الصفوف في مواجهة التحديات التي تتطلبها دول مجلس التعاون من حيث التقدم على مختلف الأصعدة الجانب الاقتصادي والجانب الأمني والجانب السياسي بمعنى أن يكون الاتحاد في المرحلة القادمة اتحادا كونفدراليا ثم يتحول إلى اتحاد فيدرالي وهذا يلامس طموحات شعوب مجلس التعاون والأمة العربية خصوصا أن مجلس التعاون قد نجح في مبادرته لحل مشكلة اليمن ومنعها من التفاقم أما بالمنظور الاستراتيجي فقد جاءت هذه الدعوة متزامنة مع الانسحاب الأمريكي من العراق حتى لا يحدث هناك فراغ استراتيجي يؤدي إلى الصراع في المنطقة. الدكتور علي التواتي كاتب وباحث تحدث قائلا: حسب النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربي ينص أساسا على أن الوحدة بين دول الخليج هو الغاية الأسمى لإنشاء المجس وبالتالي أعتقد شخصيا أنه في الوقت الحالي والظروف المحيطة وواقع التنمية في دول المجلس وتوحيد الأنظمة لا أرى صيغة أكثر من اتحاد كونفدرالي وهو أدنى درجات الاتحاد بحيث يمكن لكل دولة أن تحتفظ بعالمها الخاص بها واستقلاليتها المالية والاقتصادية وتتنازل عن الحدود الدنيا التي تكفل قيام مثل هذا الاتحاد لا أرى غير ذلك في الوقت الحالي. وقال الكاتب السياسي الدكتور محمد بن صنيتان: ما أتطلع إليه هو الاحتذاء بالنموذج الإماراتي وتمثل هذا النموذج أو النموذج الأوروبي لأن النموذج الإماراتي يمثل الخصائص الخليجية وأثبت نجاحه خلال أربعين عاما ويحفظ السيادة المحلية أي أنه يحفظ لكل كيان سيادته الداخلية. وآلية التنفيذ التي يمكن أن تتم من خلال مجلس التعاون الخليجي ليتحول إلى مجلس الاتحاد الخليجي.