تكمن خطورة الأمطار التي تهطل على المدينةالمنورة في كونها تحتضن المسجد النبوي، الواقع أصلا في منطقة منخفضة يخترقها وادي بطحان، وهو الوادي الذي كتب عنه المدونون في مذكراتهم التاريخية، وروى عنه كبار السن كوارث وفواجع وقعت أثناء جريانه، اخترقت مياهه المناطق المجاورة للمسجد النبوي في العنبرية والسيح. من هنا، يثير أهالي المدينة مخاوفهم منذ القدم من تكرار ما حدث حتى انعكست تلك المخاوف على طاولة المجلس البلدي الذي تساءل عن مقدرة أمانة المنطقة عبر مشاريع درء أخطار السيول عن الحرم وتحويل مسار وادي بطحان إلى العقيق بساتر ترابي لا يتجاوز ارتفاعه 11 مترا، إلى أن أطلق المجلس في النهاية توصيات بإزالة 588 عقارا تعترض مسار خمسة أودية. وهنا أوضح ل «عكاظ» رئيس المجلس البلدي في المدينةالمنورة الدكتور صلاح بن سليمان الردادي أنه سبق للمجلس أن طالب بسرعة إزالة العقارات التي تعترض مسارات خمسة أودية في المنطقة تشمل أودية قناة، العقيق، بطحان، الحمض، والنقمي، مبينا أن أعضاء المجلس أثاروا في جلسة عقدت أخيرا مخاوف حول مدى كفاءة السد الترابي البديل الذي جرى تنفيذه في مجرى وادي بطحان وقدرته على مقاومة الانجراف في حال زيادة كميات الأمطار عن معدلاتها الطبيعية في ظل التغيرات المناخية الحالية. في المقابل، أكد وكيل أمانة المدينة طارق ديولي أن الأمانة لم تمنح تراخيص للبناء في مخططات سكنية تقع في بطون الأودية ومجاري السيول. وأوضح وكيل الأمانة أن آلية منح تراخيص البناء في المخططات السكنية تخضع لاشتراطات معينة تأخذ في الاعتبار الأخطار التي تشكلها مجاري السيول على المخططات السكنية، وأن أمانة المدينة عمدت إلى إحصاء عدد من المواقع في كافة الأودية في المنطقة عبر نظام GIS (جي آي اس) لتفادي منح أي تراخيص إنشاء تقع بالقرب من تلك الأودية. وأشار الرحيلي إلى أن حصر هذه الأودية وتضييقها إلى قنوات صغيرة لا يعني قطع دابر خطورتها بعد أن كان عرض الوادي في بعض مساراته يتجاوز كيلو مترا واحدا. بينما يعتبر محمد عيسى الأحمدي أن الخطورة على المسجد النبوي تضاعفت بعد شق الحرة الغربية في طريق السلام المتجه مباشرة إلى الجهة الغربية من الحرم بانحدار شديد، بينما كانت الحرة بمثابة الدرع التي تقي وسط المدينة والحرم من هذه السيول. وكشف رئيس المجلس البلدي الدكتور صلاح الردادي عن تشكيل لجنة تضم ثلاثة من أعضاء المجلس ومدير إدارة الأودية في أمانة المدينة لدراسة تجربة الأمانة بشأن إزالة العوائق التي تعترض الأودية، وتنفيذ جولات وزيارات ميدانية وتقيميها ومدى ملائمتها وفقا لتحليل علمي وفني والاستفادة مما يتوافر لدى وزارة المياه والدفاع المدني من دراسات واقتراحات وإعداد تقرير بذلك، والمطالبة باعتماد عاجل لإزالة العوائق التي تعترض مسارات الأودية في نطاق أمانة المنطقة. وأبان الدكتور الردادي أنه تم تقديم عرض مرئي تفصيلي لجهود الأمانة في حماية المدينة من مخاطر السيول وتصريف مياه الأمطار، وتضمين التقرير الإجراءات التي اتخذتها لحماية المدينةالمنورة من مخاطر السيول المبنية على الدراسة الهيدروليجية المعتمدة على كمية ونوع التساقط المطري، الظروف المناخية، خواص التربة، المساحات التجميعية، معدل التصريف، والمسارات التصميمية للأودية. وبالعودة الى وكيل أمانة المدينةالمنورة للمشاريع والتعمير المهندس طارق ديولي، أكد استكمال أمانة المدينة كافة مراحل مشروع تحويل مسار مجرى وادي بطحان جنوبي المدينة إلى وادي العقيق، وشرعت الفرق والمعدات في تنفيذه قبل أعوام وبميزانية مخصصة بهدف درء المخاطر التي كانت تشكلها سيول وادي بطحان على الحرم النبوي الشريف والمنطقة المركزية، إضافة إلى عدة أحياء تقع جنوبي المدينة وفقا لمجرى وادي بطحان الذي يخترق المدينةالمنورة من الناحية الجنوبية. وأوضح المهندس ديولي أن المشروع يشتمل على عدة قنوات تصريف لمياه الأمطار وتحويل مسارها لوادي العقيق.