د. حاتم سعيد الغامدي عندما كنت أنتظر فتح إشارة المرور تقدمت إليّ تلك الفتاة المبتورة الأطراف تطلب ما يسد عوزها وفقرها، فما كان مني وبلا تردد أن أقدم لها «اللي فيه النصيب»، هذا هو موقفي وموقف الكثيرين رغم قناعتنا بمتاجرة الكثير من هؤلاء بإعاقاتهم بشكل أكثر حرفية، ويبقى السؤال الأهم ما الذي دفعني إلى فعل ذلك السلوك هل هي مشاعري أم أفكاري تجاه تلك الفتاة؟ أوقفني ذلك الموقف ودوافع البشر عموما والتي تحدد سلوكهم تجاه الأشياء إلى مراجعتي لما تعلمت من نظريات رائدة في العلاج النفسي وتحديدا نظرية «ألبرت أليس» في العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي والتي أشارت إلى أن منشأ كل سلوك بشري هي مجموعة الأفكار المسيطرة على الفرد. فالنظرية تركز على أن كل ما تفكر به سلبا كان أم إيجابا سوف يصاحبه تحول في الحالة الجسدية وبالتالي سوف تتغير المشاعر ومن ثم ينشأ السلوك. إذاً القاعدة النظرية التي ينطلق منها «أليس» تشير في مجملها إلى أن «أفكارك تصنع سلوكك». والحقيقة العلمية الحديثة ومن خلال الدراسات التطبيقية أشارت إلى أن الإنسان الطبيعي يفكر يوميا بمعدل 60 ألف فكرة، 80 في المائة من تلك الأفكار سلبي ويعمل ضده.والسؤال هنا .. هل من المعقول مراقبة 60 ألف فكرة يوميا لننتقي ما منها سلبي وما هو إيجابي حتى يتشكل السلوك السوي؟ إنه من السهل علينا مراقبة المشاعر؛ لأنه بالتأكيد المشاعر الإيجابية لا تتولد إلا من أفكار إيجابية والعكس صحيح .. من هنا أيقنت أن سلوكي تجاه طلب تلك الفتاة نابع من مشاعر الألم التي انتابتني في ذلك الوقت، ، وأن القوتين المحركتين للسلوك الإنساني ككل هما «السعادة والألم»، وبالتالي فإن منظومة المشاعر هي المنظومة الأهم في نظرية «أليس». قل لي ما هي مشاعرك الآن ... أقول لك كيف سوف يكون سلوكك.