لعل ما كتب عن سيول جدة غير مسبوق في تاريخ الإعلام السعودي. فبعد مرور كل هذا الوقت على الكارثة، لا تزال المقالات في الصحف والمواقع تكتب معلقة وناقدة وساخرة. هل أصبحنا إنسانيين بين ليلة وضحاها ليستمر تأبين الضحايا إلى الآن؟ لا.. لست أعتقد أن هذا هو السبب، وإلا كنا لا نزال حتى اللحظة نكتب عن مأساة فتيات المدرسة في مكةالمكرمة. السبب الحقيقي في رأيي هو أن الجميع وجدها فرصة لإطلاق ما في صدره من غضب على ما هو أكثر من وفاة أبرياء. إنها نتيجة طبيعية لكبت وصمت طويل على تجاوز كنا نراه ولا نجرؤ على اتهام أحد به أو مجرد التصريح به في حديث هامس. وهي بالمثل نتيجة طبيعية إزاء مشاريع تنموية لم تر النور. كارثة جدة باختصار كانت الإبرة التي وخزت الصدر فأطلقت ما فيه من ألم دفعة واحدة، وفي وقت واحد. شيء آخر.. في الأيام الأولى التي حدثت فيها الكارثة، تخصصت صحف المنطقة الغربية بالتغطية أكثر من صحف المناطق الأخرى. وهذا وضع طبيعي، لكن لم تلبث جميع الصحف أن أدلت بدلوها فأخذت تكتب عن كارثة جدة كما لو أنها أصابت كل مدينة سعودية. وهذه أيضا تعكس الرسالة ذاتها، بأن التجاوز لم يكن في عروس البحر الأحمر فقط، والمشاريع المتوقفة هي ليست كذلك في مدينة واحدة من بلادنا الشاسعة كثيرة المدن. ليس من العدل القول بأن التجاوز قد عم، وبأن كل المشاريع متوقفة، لكن ما يعمل منها يتم ببطء شديد، وأحيانا بمواصفات لا تليق بالمبالغ التي صرفت عليها. من أجل ذلك، اتجهت الأنظار محملة بأمل عظيم إلى الملك عبد الله، وفي يقيني أن الصوت قد وصله عظيما أكثر مما سمعناه من بعضنا. لقد كانت السماء رحيمة بنا عندما فتحت أبوابها بأمطار غير مسبوقة. لأنه لولا تلك السيول الجارفة، لبقينا نقرأ حتى اللحظة عن مشاريع الصرف العملاقة وكيف أنه لم يتبق من الزمن لإنهائها سوى مائة عام فقط. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة