مازالت تداعيات أحداث «تسونامي جدة» تلقي بظلالها على النفس. ومن الطبيعي لمن يهتم بأمر الوطن أن يواصل قلقه واهتمامه بالحدث، وألا تكون معالجتنا له مجرد انفعال عرضي مؤقت، يزول مع الزمن، أو تخف درجة الاهتمام به بالتقادم، فالمضارون والثكالى لن ينسوا آثار ماحدث مهما مرت الأيام، وتوالت الأحداث. من هذا المنطلق، أعود وأكتب مرة أخرى عن «توابع» سيول جدة التي راح ضحيتها إخوة لنا، كان يمكن لأي واحد منا أن يكون بينهم، كما كان من الممكن أن يكون أحد أقاربنا من بين الضحايا أو المتضررين، فالواجب علينا بعد أن هدأت العاصفة أن نلملم الجراح، ونعالج الآثار المترتبة على هذا الحدث، والمعالجة المادية المتمثلة في التعويضات ونحوها، وإن كانت ضرورية إلا أنها في اعتقادي غير كافية، فالمرء منا ليس لحما وعظما وحسب، بل إن هذا اللحم والعظم يضم بين ثناياه مشاعر وأحاسيس قد لا يجبرها ويصلح من شأنها أي تعويض مادي. المعالجة النفسية لضحايا ومتضرري السيول قضية مهمة، وأمر حيوي، نغفل عنه كثيرا فيما يحيق بنا من ملمات، وما ينزل بالبعض من مصائب، ومن ثم لزم هنا التنويه إلى ضرورة مراعاة البعد النفسي في القضية وأعتقد أن الاستجابة الفورية من خادم الحرمين الشريفين، والأمر بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، يتبعها محاسبة المسؤولين المقصرين، هو من باب المعالجة النفسية للضحايا والمتضررين، إذ إن القصاص في شريعتنا ليس مجرد «حل مادي» لجريمة ما، بقدر ماهو علاج نفسي لأصحاب الحقوق المهضومة، فقتل القاتل على سبيل المثال لا يعيد القتيل إلى الحياة لكنه بلا شك، سيشفي غليل الثكالي ويواسي جراح المكلومين. ومما لا شك فيه أن من بين هؤلاء الضحايا وبخاصة أولئك الذين فقدوا العائل، من هم بحاجة إلى رعاية نفسية خاصة، لا يمكن للقوانين أن تعوضهم أو تقوم الخلل الذي وقع على أنفسهم، فهم بحاجة ماسة لجهود وزارة الصحة التي ينبغي أن تلعب دورا مهما في العلاج النفسي المتخصص لضحايا الكوارث والأزمات. على وزارة المالية أن «تبسط» يدها قليلا، لمعالجة هذه النوازل الطارئة وتوابعها، فإن لم تظهر جهودها في تلك اللحظات فمتى نلمس وقوفها إلى جوار المواطن السعودي، وبخاصة غير القادرين من أبناء بلدنا. وربما كانت أفضل وسيلة للعلاج النفسي، وأنجع علاج لآثار سيول جدة، أن يسارع المسؤولون في الأمانة، سامحهم الله إلى علاج الخلل، وإصلاح ما أفسده الإهمال، وتنفيذ ما سمعناه على مدى أعوام من برامج خاصة بالعشوائيات والصرف الصحي، وإعداد العدة لمواجهة الأزمات عن طريق إدارة متخصصة في ذلك، تضم من أبناء الوطن الخبراء المتخصصين في شتى القطاعات، حتى لا نغرق، كما يقال في الامثال: «في شبر مويه».. علينا جميعا كمؤسسات وهيئات ووزارات بل وأفراد ومقيمين أن نعتبر مما حدث، وأن يعالج كل منا على قدر استطاعته، وبحكم عمله ومنصبه، أي تقصير أودى بحياة إنسان بريء أو هدم منزلا كان يأوي أسرة فقيرة، أو أطاح بسيارة لا يستطيع صاحبها تعويضها. وصدق من قال: «رب ضارة نافعة».. والله المستعان. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة