لم يعرف التاريخ دولة تتبرأ من شعبها بذريعة إعاقته الجسدية، لكن إسرائيل فعلت ذلك، إذ أثبتت وثيقة، عثر عليها أخيرا في أرشيف وزارة الخارجية، أن إسرائيل مارست سياسة انتقائية فيما يتعلق بهجرة اليهود الأوروبيين بعد تأسيسها، وحاولت منع هجرة اليهود المعوقين والمرضى إليها. وذكرت صحيفة هآرتس البارحة الأولى، أن الوثيقة هي مذكرة بعثتها في العام 1958 وزيرة الخارجية الإسرائيلية في حينه جولدا مائير إلى السفير الإسرائيلي في بولندا كاتريئيل كاتس، وكانت مصنفة طوال الوقت ضمن خانة «سري للغاية». وجاء في الوثيقة أنه «جرى الاقتراح في لجنة التنسيق القول لحكومة بولندا إننا نريد إجراء انتقائية في الهجرة اليهودية (إلى إسرائيل)، إذ أنه لم يمكننا الاستمرار في استقبال المرضى والمعوقين. وكشف الوثيقة المؤرخ البولندي من جامعة وارسو البروفسور شمعون رودنيتسكي، الذي عمل في السنوات الأخيرة على البحث عن وثائق توثق العلاقات الإسرائيلية البولندية بين السنوات 1945 1967. ولم يكن الباحثون في هجرة يهود بولندا إلى إسرائيل التي جرت خلال السنوات 1956 1958 يعرفون بوجود «وثيقة الانتقائية» لليهود الذين كان غالبيتهم الساحقة من الناجين من المحرقة ومعسكرات النازيين. وفي هذه الأثناء، صدر كتاب رودنيتسكي في بولندا، وتجري حاليا ترجمته إلى العبرية، لكن الوثيقة ليست مذكورة فيه؛ لأنه لم يكن لها أي تأثير على العلاقات البولندية الإسرائيلية. وقال رودنيتسكي لهآرتس «رغم كثرة الوثائق حول موضوع الهجرة إلا أننا لم نجد في الأرشيف في إسرائيل وبولندا، حيث فتحوا هناك أرشيف الحزب (الشيوعي) أمامنا، أي استمرارية لتوجه غولدا إلى السفير في بولندا». وأشار رودنيتسكي إلى أنه «حتى العام 1950 كانت هناك انتقائية (بالسماح لليهود بالهجرة إلى إسرائيل) من جانب البولنديين، وتستند إلى المهن المطلوبة، وبعد العام 1956 لم يفرض البولنديون أية قيود، وبالتأكيد أنهم لم يتعمدوا إرسال المرضى والمعوقين إلى إسرائيل، فهذه مسألة إسرائيلية وليست بولندية.