لم يحسم الجدل الدائر حول العمائر الست الكائنة على سفوح جبال منى مع نهاية موسم حج العام الحالي، حيث ينتظر أن تنتهي لجنة مشكلة من عدة جهات حكومية من كتابة تقاريرها عن جدوى التوسع من عدمه. فبعد تجربة أولى متعثرة في العام الماضي بسبب تأخر استلام المشغلين لها، على حد زعمهم، جاءت السنة الثانية لتخضع هذه العمائر للاختبار الحقيقي ليلقي مرض انفلونزا الخنازير بظلاله على تشغيلها، فيما طالب المستأجرون بإعادة النظر في إيجارات هذه العمائر لتجنب أي خسائر. «عكاظ» وصلت للعمائر بعد جهد كبير وللوهلة الأولى تشعر بأنك في مدينة أخرى تختلف تماما عن مدينة الأيام الثلاثة، باستثناء دعوات التلبية والأذكار والدورس التي تأتي من هنا وهناك. حجاج من شتى الجنسيات يقطنون فيها من الداخل والخارج تجمع كبار الشخصيات بالبسطاء يرسمون لوحة جميلة في أعلى السفوح بعين تطل على الجمرات وأخرى إلى السماء تطلب الرحمة والغفران. سألنا الحجاج عن هذه العمائر، فأجمع الكل على جودتها، حيث وصف رئيس الغرفة السياحية المصرية الدكتور خالد المناوي هذه العمائر على أنها تجربة ناجحة بامتياز لجودتها، خصوصا أنها توفر مناخا صحيا ممتازا، مشيرا إلى أنها تقلل من توهان الحجاج بين الخيام وتوفر مساحة أكبر لسكنى الحجاج، وتقلل من تكدس الشوارع. متمنيا أن تعمم تجربة البناء على سفوح الجبال لتصل إلى 600 عمارة بدلا من 6 عمائر. ويرى الحاج أحمد عبد الله من دولة الإمارات العربية المتحدة أن هذه العمائر تجعل الحج أكثر نظاما وراحة، لافتا إلى أن وجودها ضرورة لاستيعاب الزيادة المضطردة من الحجاج في كل عام، خصوصا أن الخيام لم تعد قادرة على على ذلك في ظل محدوديتها، مؤكدا أن هذه العمائر توجد خصوصية للحج وتمنع من حدوث التكدس في بعض الخيام. ولم يكن رأي أبو محمد بمختلف عن رأي سابقيه، مشيرا إلى أنه سبق وجرب الحج في الخيام وجربها في العمائر، مبينا أن الفرق كبير بين الحجتين، فسكنى الحاج في العمائر أفضل من كل النواحي من السكنى في الخيام، لكن صديقه يشعر أن هذه العمائر تفقد روحانية الحج رغم الراحة التي يوفرها للحجاج. وعندما سألنا أحد العاملين في العمائر عن نسبة إشغال هذه العمائر أجابنا بأن نسبة الإشغال لايتجاوز 80 في المائة، مبينا أن أسعار تكلفة حج القاطنين في هذه العمائر تبدأ من 4 آلاف ريال وتنتهي ب 120 ألف ريال. وأكد أن هذا التفاوت سببه رغبة أصحاب العمائر تفادي أكبر خسارة ممكنة في تسكين كل الحجاج بلا استثناء، موضحا أن العمارة تستوعب من 2000 إلى 3000 حاج. وأبدى أحد أصحاب حملات الحجاج والمستأجر لبرج كامل من الأبراج الستة أحمد كريشان عن رضاه عن مستوى الأبراج لكنه أبدى استياءه من مستوى الأسعار، مبينا أن تكلفة الفرد الواحد بخمسة آلاف ريال للسكن على المشغل ولديه في الحملة حجاج لم يدفعوا سوى أربعة آلاف ريال كأجر كامل للحجة. وأفاد كريشان، إن تسعيرة الحجاج في حملته تتراوح بين 4 آلاف ريال إلى 10 آلاف ريال. وطالب كريشان بالتوسع في بناء العمائر على سفوح الجبال شريطة إعادة النظر في الأسعار، خصوصا أنها تعطي صورة حضارية وراقية للحج. وبين أن نسبة الإشغال لاتتجاوز 80 في المائة، مبينا أنه لجأ إلى تسكين العمال والمشرفين في باقي الأدوار الفارغة. وأكد المطوف خليل بهادر، إن مشكلة العمائر في غرفها الكبيرة وعدم وجود حمامات كافية، مشددا على ضرورة أن يتم وضع غرف بأحجام مختلفة، بحيث تكون هناك غرف مزدوجة وغرف جماعية، داعيا إلى ضرورة عقد اجتماع خاص بين الجهات المشرفة على العمائر مع المطوفين لوضع رؤية عامة للمباني في حال رغبتهم بالتوسع فيها. وقدر رئيس لجنة الحج والعمرة في الغرفة التجارية في مكةالمكرمة سعد جميل القرشي خسائر المستأجرين من جراء هذه العمائر ب 18 مليون ريال، مبينا أن هناك أسبابا كثيرة للخسارة، منها قلة الحجاج هذا العام بسبب مرض انفلونزا الخنازير إضافة لتصريحات البعض بأن العمائر غير مجدية، مما قلل حماس المستأجرين تجاهها. وأرجع عزوف المستأجرين عن استئجار العمائر بسبب غلاء الأسعار فيها، مبينا أن فريقا من معهد خادم الحرمين الشريفين يجري دراسة متكاملة عن العمائر ومدى رضا الحجاج والمطوفين والمستأجرين عنها، لتضم للتوصية التي سترفعها وزارة الحج مع الغرفة التجارية والمعهد للجهات العليا لإبداء الرأي حولها، لافتا إلى أن التوصية تنص على أن تجربة العمائر غير ناجحة وغير مرغوب فيها لارتفاع خسائر المستأجرين منها.