قال نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور عبدالله بن بيه: «إن الاقتصاد الإسلامي يمكن أن يكون رافعا لإنهاض الاقتصاد العالمي، ومحفزا يسهم في إعادة تشكيل الاقتصاد الرأسمالي»، داعيا الدارسين الغربيين إلى إثارة موضوع المالية الإسلامية في أبحاثهم وتفكيرهم، وأن يبذلوا أقصى جهد مع فقهاء الشريعة لصياغة أنظمة المؤسسات الإسلامية صياغة حديثة تتماشى مع أحدث النظم لتطوير أدائها ورفع كفاءتها، موضحا أن التشريع الإسلامي في مجال المعاملات المالية يتقدم اليوم للوساطة بين الغرب والعالم الإسلامي. وأضاف الدكتور بن بيه في محاضرته داخل وزارة الخزانة الفرنسية: «لعلنا نسمح لأنفسنا بأن نطمع بشراكة حقيقية في العلاقة الجديدة وألا تكون فقاعة تغوص في رمال الصحراء عندما تشح الآبار النفطية على الخليج العربي، أو تذوب السيولة في الغرب مع جليد جبال البيرينيه عندما تسطع شمس الربيع، بل شراكة باقية لتبادل التكنولوجيا والسلع الأخرى والتبادل الثقافي والبشري الدافئ، على ضفاف البحيرة الخالدة البحر الأبيض المتوسط». وقسم الدكتور بن بيه الرقابة المالية الشرعية إلى مستويات ثلاثة: الرقابة القبلية السابقة، والرقابة المرافقة، والرقابة اللاحقة، مشيرا إلى حصرها في ثلاثة أهداف، هي: المحافظة على التزام المصارف والهيئات بأحكام الشريعة طبقا للخيارات المعتمدة لدى تلك الجهات، إشعار المتعاملين إلى أن معاملاتهم شرعية كسبا لثقتهم في المؤسسة، إيجاد وسائل ترفع عن المؤسسة الحرج في استعمال أدوات الاستثمار وخلق منتجات جديدة. وتطرق الدكتور بن بيه إلى أنواع الهيئات الرقابية المالية الشرعية، موضحا أنها تتخلص في: هيئة الفتوى والرقابة الشرعية: التي تقوم بالإفتاء والإجابة عن الاستفسارات التي ترد إلى الهيئة من قبل كافة الجهات التابعة للمؤسسة المالية. وتعنى، أيضا، بالنظر في أعمال المؤسسة وأنشطتها المالية المختلفة، وإصدار الرأي الشرعي حيالها، والنظر في العقود وصيغ الاستثمار والمنتجات المالية التي تعلن عنها تلك المؤسسة. الرقابة الشرعية الداخلية: وتعني نظام الرقابة الشرعي، وليس الجهاز الإداري أيا كان مستواه، قسما أو وحدة إدارية. والمسؤول على وضع هذا النظام هو المؤسسة المالية في المعايير والضوابط التي تعتمدها الهيئة الشرعية. أما ما يمثل جهازا إداريا، وحدة أو قسما ضمن الهيكل التنظيمي للمؤسسة فهي المراجعة الشرعية التي تعتبر أحد مكونات الرقابة الشرعية الداخلية. وبالتالي يمكن أن يعرف بأنه جهاز يتبع إدارة المؤسسة المالية، ويتولى مهمة تطبيق توجيهات هيئة الفتوى والرقابة الشرعية، ومتابعة تنفيذ قراراتها، وفحص العقود والاتفاقيات والتعهدات التي تنفذها المؤسسة مع عملائها من خلال دليل إجراءات يتم إعداده بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في البنك وتصادق عليه الهيئة الشرعية. الهيئة العليا للرقابة الشرعية: وهي جهة شرعية عليا تتبع غالبا البنك المركزي، وتقوم بالإشراف على المصارف الإسلامية على مستوى الدولة بالتنسيق مع هيئات الرقابة الشرعية لكل مصرف. وحدد الدكتور بن بيه أربعة معايير للمصرفية الإسلامية والرقابة الشرعية، أولها: عدم احتواء الأنشطة الأساسية للشركة على (الربا)، بمعنى الفوائد الناشئة عن ودائع أو عن أقراض نقود يؤدي إلى أن تلد نقود نقودا، دون توسيط سلع أو مواد أخرى، فيحترز بهذا المعيار من كل ما يجري في المؤسسات المالية التقليدية من أنشطة ربوية كالمصارف التجارية، والشركات المالية. والمعيار الثاني: ألا تتعامل الشركة ب (القمار) في أنشطتها التجارية الأساسية. والثالث: يجب أن تكون الأنشطة الرئيسية للشركة لا علاقة لها بإنتاج الخمور والمخدرات وتسويقها، وتوزيع الأطعمة المحرمة شرعا كالخنزير أو المضرة بالصحة، تقديم خدمات غير مشروعة مثل إنشاء أو إدارة الأماكن غير الأخلاقية. أما المعيار الرابع: ألا تحتوي الأنشطة التجارية الأساسية للشركة على الغرر الفاحش مثل عقود التأمينات غير التعاونية، وبيع الديون النقدية، ونقل ملكية سلع غير مملوكة للمتعامل لا يمكن تسليمها. وكان الدكتور بين بيه قد عرف في بداية محاضرته الشريعة الإسلامية بأنها: سلسلة من القواعد والضوابط والمبادئ والأحكام التفصيلية، مغطية الأخلاق والسلوك والمعاملات في كل أبعادها، فكانت إيمانا وعبادات مقرونة بالعمل الصالح، مما جعل القيم أساسا لقوانين المعاملات، والتكافل والتضامن أساس العلاقات الإنسانية.