قبل حوالى خمس وعشرين سنة ألفت كتابي «رقصة الموت» وهو يناقش بعض قضايا المرأة في المجتمع السعودي طالبت فيه بإعطاء المرأة السعودية كامل حقوقها المشروعة. وقد سبقت فيه مئات المتحدثين عن هذه الحقوق منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وبعد كل هذه المدة بدأت أتساءل: هل فعلا تحتاج المرأة السعودية إلى من يقف إلى جانبها أم أنها أصبحت قادرة على المطالبة بحقوقها بعيدا عن كل الرجال؟!، أنظر حولي فأجد آلاف الجامعيات ومئات من الحاصلات على الشهادات العليا، ومثلهن في مناصب علمية جيدة، ونساء أعمال في كل مكان، وبالرغم مما يقال بأن المرأة كثيرة الكلام فإن الرجل حتى الآن لا يزال هو الأكثر حديثا عن المطالبة بحقوق المرأة مما يستدعي سؤالا ضروريا عن مدى براءة هذه المطالبة من عدمها؟! أعرف أن هناك أفعالا غير مقبولة يرتكبها الرجل أيا كان موقعه بحق المرأة أيا كانت صفتها وأدرك أن الواجب يقتضي إيقاف هذه التجاوزات، ولكني أتساءل: هل من حقي أن أبدأ بهذه المطالبات أم أن الواجب يقتضي أن تبدأ بها المرأة؟!. وأتساءل كذلك: إذا كانت صاحبة الحق صامتة وهي قادرة على التعبير عن ذاتها فلماذا أتكلم نيابة عنها وأنا لا أعرف ماذا تريد؟!! فعلى سبيل المثال كتب السيد عبد العزيز السويد في «الحياة» أن هناك زوجا كان يستولي على راتب زوجته لسنوات طوال ثم طلب منها أن تأخذ قرضا باسمها لبناء بيت باسمه، وعندما فعلت كل ذلك بدأ يعاملها بسوء وطلب منها أن تتنازل عن كل شيء مقابل الطلاق، وقد فعلت ذلك متحملة سداد كل الديون التي اقترضتها ودفعتها له. الكاتب وصف الزوجة ب «الساذجة»، ولكن ألم يكن بإمكانها أن لا تكون كذلك؟!، ألم يكن بإمكانها أن تلجأ للقضاء فتتغير النتيجة؟!. بإمكان هذه الزوجة وكل الزوجات أن يتصرفن بصورة مغايرة للحفاظ على حقوقهن لو أردن ذلك. هذه القصة تكررت كثيرا، وتناولتها الصحافة منذ عشرات السنوات، والعجيب أنها تتكرر فمن المسؤول عنها؟!! جريدة «الرياض» كتبت أن رجلا تزوج بعد وفاة زوجته الأولى بأربع وعشرين ساعة، ورغم أن هذا الخبر ينبئ بنذالة ذلك الزوج إلا أن المرأة الثانية لا تقل عنه نذالة، فلماذا نضع اللوم عليه وحده؟!. المرأة المدافعة عن حقوق النساء والرجال المدافعون أيضا عن حقوق النساء ماذا سيقولون وهم يرون أن واحدة ممن يدافعون عنها تشارك في ارتكاب حماقة أو نذالة من نوع مرفوض؟! وعندما قادت مجموعة من السعوديات حملة «ولي أمري أدرى بأمري»، وكانت هذه الحملة تهدف إلى نشر ثقافة قوامة الرجل من منظور إسلامي وتصويب ذلك المفهوم لدى المجتمع السعودي ورفض كل مطالب التغريب التي تنافي الثوابت، وإيضاح الدور الحقيقي لولي الأمر في عدم استغلال دوره في الإساءة لأسرته وزوجته، قام مجموعة من الرجال بالسخرية من هذه الحملة، واستهزأت بها بعض الصحف كتابة ورسوما كاريكاتورية، وكان هذا الفعل مدعاة للعجب، فإذا كان هذا موقف بعض صاحبات المشكلة فما علاقة البعض برفضها والسخرية منها؟!. أعرف أن بعض النساء فعلن ذلك أيضا، وكان لهن موقف من صاحبات هذه الحملة، وأدرك أن من حق كل واحدة أن تعبر عن رأيها بوضوح ولكني أدرك أيضا أنه ليس من حق أحد أن يسخر من الآخرين من باب حرية الرأي على أقل تقدير.. أعود إلى القول إنني أعرف أن هناك من يظلم المرأة، وأعرف أن القضاء لا يستطيع إنصافها دائما، وأن الواجب أن يكون هناك قضاة متخصصون في قضايا النساء، وأعرف في الوقت نفسه أن هناك آباء وأزواجا يتركون الحبل على الغارب لبناتهم وزوجاتهم دون متابعة تربوية حقيقية وبسبب ذلك ظهرت بعض مظاهر الفساد في المجتمع، أعرف ذلك كله كما يعرفه غيري. ومع هذا كله مازلت أقول: إن على المرأة أن تقوم بواجبها في الحديث عن قضاياها فهي أعرف بها من سواها، ولا يمنع ذلك من مطالبتي لكل رجل أن يقوم بواجبه تجاه بيته يتعاون مع زوجته في بناء أسرة صالحة ومن ثم مجتمع صالح يتعاون فيه الرجال والنساء معا لا يشتكي أحدهما من الآخر. *أكاديمي وكاتب. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة