بعض العادات السلبية الضارة تتحول أحيانا بفعل الممارسة إلى ثقافة اجتماعية وتتبلور على شكل عادات وتقاليد تمارس بكل أريحية دون النظر إلى كونها مخلة بالذوق العام أو مؤذية للغير، فحين يذهب المرء إلى منتزه ما فإنه بالطبع يريد كسر روتين الحياة بالجلوس في منطقة جميلة أو أمام أشجار تزينها الورود من جوانبها ويستنشق هواء نقيا وأنساما عليلة تعيد له النشاط من جديد للجد والعمل، ولكن ثمة عادة بدأت تأخذ حيزا من اهتمام البعض حولت المنتزهات العامة وأجواءها اللطيفة إلى مداخن أشبه بعوادم المصانع تفوح منها روائح كريهة بل وممرضة نفرت الكثير من المتنزهين وجعلتهم يضيقون ذرعا بهكذا تصرفات عوجاء لا تقيم أي وزن لشعور الآخرين. فحين تأخذ عائلتك وتيمم وجهك شطر حديقة من الحدائق لتقضي فيها ساعات من الأنس والراحة والاستجمام وتأخذ مكانا مناسبا في الحديقة إذ بأحد المتنزهين بجوارك يولع الفحم ويضعه على الجراك ويبدأ في التشييش بصورة علنية دون أدنى رعاية للجوار الذي أوصى الله به في كتابه، وجاء النص القرآني صريحا وواضحا حين قال الله تعالى {والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب} عندها تتحول الأجواء اللطيفة والهواء العليل إلى أدخنة مزعجة محملة بكميات من المواد الضارة لكل من يستنشقها، وتتحول الحديقة إلى (كازينو) تحمل هواء ملوثا بروائح السجائر والجراك والفحم، وتضطر لتغيير مكانك أو الخروج من هذا المنتزه محفوفا بروائح التبغ والنارجيلة. لا أدري هل يعرف المدخنون والمشيشون أن روائحها مقززة لغيرهم أم أنهم يظنون أن غيرهم سيستمتع مثلهم بهذه الروائح والأدخنة التي ينفثونها ليعكروا بها الهواء النقي ويكدروا بها صفو المتنزهين. أخشى ما أخشاه أن تتحول هذه العادة لدى بعض الفئات إلى تقليعة للمباهاة والتفاخر أو تقنن ضمن إطار العرف العام فيضعون في قوائم مستلزمات الرحلات القصيرة والبعيدة أغراض الشيشة والدخان لتتحطم عندها أحلام الراغبين في استنشاق هواء نقي بعيدا عن أضرار المدنية وما تفرزه من عوادم ومشتقات كيميائية تؤثر على الإنسان وصحته. صلاح عبد الشكور مكة المكرمة