عشقت الفارسة السعودية أروى المطبقاني الخيل منذ نعومة أظافرها وهي ذات الثمانية أعوام، فامتطت صهوة الخيل وانطلقت لا تأبه بما هو قادم، ولم تجبرها خشونة الصحراء وقسوة الأرض والغبار المتصاعد من حوافر الخيل على التراجع عن تحقيق أهدافها، بل زادها ذلك صلابة وعزيمة حتى وصلت إلى العالمية، وحصدت العديد من النجاحات والجوائز والميداليات، واستحقت أحد مقاعد عضوية الاتحاد السعودي للفروسية. أروى وعبر هذا الحوار المطول تحدثت عن الفروسية عشق الطفولة وحلم العمر، وعن عضوية الاتحاد التي لن تكون حبرا على ورق على حد قولها، وعن أمور أخرى كثيرة. وفيما يلي نص الحوار: • عينت من قبل الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد كأحد أعضاء مجلس إدارة اتحاد الفروسية، ماذا أضافت لك العضوية وماذا أضفت لها؟ عضوية الاتحاد بالنسبة لي بمثابة وسام شرف من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله وهو فخر كبير أن احصل عليه من أب كل فتاة سعودية في هذا البلد المعطاء وسيبقى هذا الشرف إلى آخر لحظه أعيشها في هذه الدنيا. أما كوني ماذا أضفت لهذا الاتحاد فأنا لا أفضل ذكر ما قدمته بل أرغب في أن تتحدث أعمالي عني وما يمكنني ذكره هنا المهمات التي أسندت إلي في الاتحاد كعضوة في مجلس الإدارة، فنحن نجتمع برئاسة رئيس الاتحاد السعودي الأمير نواف بن فيصل بن فهد، ونضع الخطط والبرامج ونناقشها وانبثق منها عدة لجان موقعي منها حاليا هو أنني عضوة في لجنة الموارد المالية وعضوة في لجنة المنتخب الأولمبي، وأنا الآن رئيسة لجنة البراعم وهي لجنة جديدة تم تأسيسها بعد أن وضعت لها استراتيجيات كاملة ورؤية واضحة مدتها الزمنية تستغرق الأربع سنوات المقبلة، وتشمل برنامجا متكاملا للبراعم الصغار. وهدفي هو إعداد جيل رياضي سليم منذ الطفولة وفق أسس صحيحة لتكوين قاعدة رياضية سعودية، وهي خطوة رائدة ومحفزة وحصلنا أخيرا على موافقة من الأمير نواف ودعم نائبه الأمير عبد الله بن فهد، وقد بدأت فعاليات هذا البرنامج مع البراعم ذوي العشر سنوات في مختلف مناطق المملكة تحت إشراف المستشار الفني الفارس والمدرب الإيطالي العالمي دوتشو برتلوتشي. فقدت الهواية • ما الذي أبدله انضمامك للاتحاد في شخصيتك؟ أوقفني انضمامي إلى الاتحاد عن هوايتي وهي ركوب الخيل فليس لدي وقت الآن، ولكنني أشعر بسعادة كبيرة لأنني أقوم بعمل سينشأ منه جيل جديد بالرغم أن الكثيرين يظنون أنني مجرد صورة في عضويتي للاتحاد، وساهم في ذلك رفضي للظهور مسبقا لأي من وسائل الإعلام، ولكن بعد الموافقة على برنامج البراعم يستحق الآن أن أتكلم عنه. • هناك تغير في النظرة إلى المرأة السعودية فهل تشعر أروى أن عضويتها حقيقية في الاتحاد؟ نعم هناك تغيير في النظر إلى المرأة وهذا الأمر يعود إلى خادم الحرمين الشريفين الذي قدم كل دعم وتأييد لمسيرة المرأة وعضويتي للاتحاد حقيقية وهناك برامج عديدة ستقدم، وحصلت على موافقة من الأمير نواف ومن ضمنها مشروع البراعم. دعم الوالد • كنت ولا تزالين من هواة الخيل منذ نعومة أظافرك، فهل كان الدعم من العائلة أم إصرار من ذاتك؟ في الحقيقة كان إصرارا كبيرا مني، ولكن بدون دعم الوالد لم يكن هناك أروى الفارسة وبلا شك أتمنى أن لا يغير رأيه. • هل واجهت صعوبات في إقامة هذا النادي الذي يعتبر الأول وبدون منازع في جدة؟ بالطبع كانت هناك صعوبات جمة فالفكرة جديدة وتطبيقها صعب، ولكن بالإصرار والعزيمة تخطيناها. • عرفت بممارستك رياضة قفز الحواجز ما السبب في ذلك وإلى أي حد تقفز فارستنا؟ هذا السؤال بالذات قد سألته لنفسي كثيرا لماذا قفز الحواجز وليس الترويض الأرضي واعتقد أن التحدي المصاحب له وصعوبته والشعور بالتحدي والخوف هذا ما شغفني إليه وهذا لازمني منذ أن كان عمري ثماني سنوات. بطولة لا تنسى • ماهي البطولات التي هي بمثابة الرضا كلما تذكرتيها وتضعينها وساما على صدرك؟ ما أذكره في مخيلتي الآن هي بطولة واحدة كنت فيها أنا ومدربي في نفس الشوط في منطقة اسمها Lucca في إيطاليا وحالفني الحظ بأن أفوز بالمركز الأول ومدربي فاز بالمركز الثاني، فالشعور الذي غلبني حينها لا يمكن أن يوصف وجراءتي خلقت الإبداع في داخلي، كما أتذكر في بطولة أخرى دولية وبحضور الكثير من الفرسان الدوليين في منطقة AREZZO وكان عدد المنافسين يزيد عن 80 فارسا وفارسة وحصلت حينها على المركز الخامس. علاقة مشتركة • هل عشقت الخيل من أجل الفروسية أم عشقت الفروسية من أجل الخيل؟ عشقي هو للخيل نفسه والسبب لا أعرفه حتى الآن فهو يعطيني شعورا بالسعادة والراحة النفسية فأنا استمد منه القوة والصلابة وأجمل شيء يعطيني الشعور بأنه صديق وفي فالحصان عند دخولي معه للمباريات يكون حينها شريك حياة الفارس. فاليوم الذي يكون مزاج الفارس ليس على ما يرام فالحصان يتأثر والعكس صحيح، وبالتالي لا يمكن أن يعطي الفارس في السباق أفضل ما عنده فهناك لغة مشتركة لا يعرفها إلا الفارس الحقيقي الذي يكون بينه وبين حصانه علاقة حسية في الشعور لا يجيدها الكثيرون. • ما هي عدد الأحصنة التي حققت من خلالها بطولاتك وهل كان أحدهم خاصا جدا لك؟ امتطيت العديد من الأحصنة فهناك خيول لا يمكن أن أنساها أبدا وخاصة IRIS وهي فرس حققت معها بطولات كثيرة، وهي كبرت الآن ولا يمكنها خوض الغمار معي في الوقت الحالي، وهي الآن فقط للإنجاب وانقطعت عنها مدة الثلاثة سنوات في هولندا حاليا وزرتها قبل أشهر فبمجرد ما دخلت الحقل وكانت من ضمن 50 فرسا عرفتها وعرفتني وتركت صغارها ووقفت ترعى بجانبي فهذه هي صداقة الخيل. • ما هي المنافسة التي ندمت بأنك شاركت بها ولماذا؟ لم أندم على شيء فعلته حتى الآن والحمد لله، بالرغم أنني مررت بتجارب صعبة سواء في حياتي الخاصة أو العامة، ولكن تربية والدي عودتنا على تحمل الصعاب وعلى عدم الشكوى فهذه أحد أسرار نجاحي، وكذلك إصراري وعزيمتي. أما قدوتي فهو والدي فما أخفقت فيه أتعلم منه ويعتبر بالنسبة لي المرجع الذي يزيد الثقة في نفسي. مشروع الفروسية • أنشأت مركز متكامل لتدريب الفروسية في محافظة جدة، قدمت فيه تجربتك بكل تفاصيلها للراغبين في تدريب أبنائهم على فنون الفروسية، فهل كانت فكرة استثمارية جيدة أم هناك خسارة؟ من يدخل في الفروسية لا يمكن أن يضعه من ضمن الاستثمارات الناجحة لسبب بسيط، أن الحصان تكلفته مرتفعة جدا وخاصة الحصان المتخصص لقفز الحواجز على مستوى عال، ورياضة من أغلى أنواع الرياضات في العالم. أما عن مركز الفروسية فلا يمكننا أن نقول بأنه يخسر في نفس الوقت، ولا يمكننا أن نطلق عليه بأنه مشروع مربح على درجة عالية. • لو خيرت ما بين الفروسية وهواية أخرى فماذا ستختارين؟ منذ أن كنت في المدرسة وأنا أفضل ممارسة الرياضة مثل كرة الطائرة والسلة وفي الإجازات أمارس رياضة التزلج على الماء والجليد وركوب الدراجة، ووالدتي هي المشجعة لي دائما ومنذ الصغر وبسبب ضيق الوقت حاليا أمارس رياضة الجري تقريبا من 15 إلى 20 كيلو في الأسبوع وأمارس رياضة حمل الأثقال منعا للترهل العضلي وليس كمال الأجسام، ولكن الفروسية بالنسبة إلي حياتي. • ما الأمنية التي تودين تحقيقها في مجال الفروسية والرياضة في الأيام المقبلة؟ أتمنى أن يسجل نتائج برنامج البراعم بنجاح في المستقبل، وأن تكون خطوة واعدة يصلون من خلالها إلى الأولمبياد ويرفعون علم المملكة من بين أول ثلاثة مراكز إن شاء الله وأن أفتخر بأنهم أطفالي سابقا. طموح الستيني • ما الموقف الذي مر عليك في حياتك الرياضية وكان له دور إيجابي في مسيرتك الرياضية؟ كان ذلك في أغسطس عام 2008م عندما سافرت العام الماضي تحت مظلة اللجنة الأولمبية السعودية إلى الأولمبياد في بكين ورأيت فارسا عمره 61 عاما، كندي الجنسية يدعى Ian Millar والذي حقق الميدالية الفضية مع الفريق الكندي وهي بالنسبة إليه مشاركته التاسعة في الأولمبياد وفي قفز الحواجز وبالفعل هذا الفارس جعلني أتساءل ما الذي يمنع الإنسان أن يشارك على مستوى عال جدا طالما كان لديه حيوية وكان محافظا جدا رياضيا ويملك الإرادة والعزيمة. • قد يخسر الفارس حياته في إحدى المنافسات فهل مررت بمثل هذه التجربة؟ كدت مرة أن أفقد حياتي في عام 1995م عندما وقعت من على الحصان وتسبب ذلك في ارتجاج في المخ، والخطأ كان مني بسبب عدم التزامي بقواعد السلامة العامة وهو لبس القبعة، وحينها كنت في التدريب وقفزت عاليا فوقعت حينها على رأسي فغبت عن الوعي أكثر من 20 دقيقة، ومكثت حينها ستة أشهر لم أتمكن من ركوب الخيل وبعدها تعلمت درسا وهو أن أضع القبعة دائما عند القفز. • هل لجسم الفارس أو الفارسة دور في رياضة الفروسية وفن ركوب الخيل وخاصة أصحاب الوزن الزائد؟ نادراً ما يكون هناك فارس يعاني من وزن ثقيل فالرياضة تتطلب الرشاقة والمرونة للحفاظ على التوازن أثناء القفز والركض وللسلامة عند السقوط على الأرض. • كيف رأيت مشاركة الفرسان السعوديين في الأولمبياد العالمية؟ مستواهم الأدائي جدا ممتاز فنحن لدينا أقوى الفرسان عربيا وعلى مستوى عالمي وقد حققوا بطولات مهمة فحققوا الميدالية البرونزية في أولمبياد سيدني وحققوا كثيرا من البطولات الدولية والآسيوية وآخرها فوز الأمير عبد الله بن متعب في الشوط التأهيلي لكأس العالم.