كان يوما جميلا، وحشدا كبيرا تحدثت معهم عن الحوار آدابه وفنياته، وهو موضوع يشغل بال الكثيرين داخل جدران الأسرة وداخل حدود الوطن، ولكي ننجح في جعل الحوار لغة التفاهم بين أبناء الوطن، ينبغي أن ننجح في جعله لغة التفاهم داخل جدران بيوتنا وبين أفراد أسرنا، وحين نبدأ بزرع بذور الحوار بيننا وبين زوجاتنا وبيننا وبين أبنائنا وبناتنا، يحق لنا التفاؤل بأن تصبح لغة الحوار لغة أصيلة في مناخنا الثقافي. انتهى الوقت المخصص للمحاضرة ومعه الوقت المخصص للإجابة على بعض أسئلة الجمهور. وانتقلت إلى صالة مجاورة لمكان المحاضرة حيث الوجوه الباسمة المضيافة، التي أجرى الله على ألسنتها كل صنوف اللطف والكلام العذب، وكأن عذوبتها استمدت من إرث عيون الأحساء، أو من حلاوة تموره، فهم يتوارثون أدب الخطاب كابرا عن كابر، جلسنا نتابع عبر شاشة كبيرة ما يجري على خشبة المسرح، ثم عدنا لتبدأ سهرة مع ثلة من الشباب أصحاب الأصوات الشجية، التي تفاعل الجمهور معها بطريقة مذهلة وبخاصة أن جل الجمهور من الشباب، كانت الأصوات تصدح بكلمات تحمل في ثناياها قيما رائعة على أنغام صنعتها أفواه شباب آخرين، كان الجميع يطربون للنغم الذي تصنعه الأفواه وللكلمات التي تصدح بها الحناجر، تفننوا بدءا من محمد الدحينان، ومازن البدر، وياسر الشجار، وإبراهيم المريسل، وأحمد الهاجري الذي قدم من الكويت خصيصا للمشاركة في تلك الأمسية، وانتهاء بسمير البشيري.. فتساءلت ولكن هذه المرة بصوت مرتفع مع جلسائي سعادة اللواء عبد الله السهيل والدكتور خالد الحليبي ووالده الشيخ سعود، هل يمكن أن تبقى هذه الكلمات والنغمات عالقة في أذهان سامعيها؟، ألا يمكن أن تساهم في صنع منظومة قيم بدأت تتحلل نتيجة الإعلام الهابط الذي يثير الغرائز؟، أليس من الحكمة ونحن أمة تئن تحت وطأة الهجمات أن نرعى هذه البراعم الشابة؟، لم لا نراعي حاجة الإنسان للكلمة الجميلة والصوت الشجي؟، أليست هذه الأعمال البديل الجيد والمنافس لمواد تثير الشهوات وتقتل القيم؟، ألم يكن عليه الصلاة والسلام يحب أن يستمع للقرآن من غيره صاحب الصوت الشجي؟، ألم يكن يحمسهم يوم حفر الخندق ويوم بناء مسجده في المدينة بكلمات مشجعة؟، ألا يحرك قارئ القرآن صاحب الصوت الجميل في نفوسنا من وجوه التدبر أكثر بكثير مما يفعله صاحب الصوت الرديء؟، ألسنا بحاجة لملء الفراغ الحاصل في نفوس البشر في وقتنا الحاضر بالنغم الجميل مع الكلمة الطيبة؟.. توقفت عن طرح الأسئلة السابقة وهممت بالخروج علي أنال قسطا من الراحة بعد اليوم الثامن من الترحال والسفر من جدة إلى اسطنبول إلى الرياض إلى الأحساء، استوقفني أخي وصديقي الدكتور خالد الحليبي قائلا: أتمنى عليك أن تحضر هذا الأوبريت الذي كتبت كلماته أنا وأخي الشاعر الدكتور محمود، جلست وحمدت الله أنني جلست فقد رسم الشباب المنشدون بأصواتهم ونغمات أفواههم لوحات جميلة تحكي قصة العلاقة بين الأجيال، بين الأم وابنها وبينه وبين أبيه، نجحت الكلمات كما نجحت النغمات في العزف على أوتار المشاعر فذرفت عيناي دمعات أطفأت نار الحزن الذي حركته الكلمات الجميلة المؤثرة على الكثير من أبنائنا وبناتنا الذين لا يجدون في صدور أمهاتهم وآبائهم متسعا لهفواتهم أو أخطائهم، نجحت تلك الليلة بجهود عظيمة نقلت الكثير من المعاني والقيم بأسلوب تعشقه النفس البشرية، أسلوب النغمة الحلوة والكلمة العطرة. وقبل مغادرتي طرحت على الإخوة في مركز التنمية الأسرية فكرة سأطرحها عليكم أعزائي القراء، وهي أن نتعاون مع كل المهتمين من أهل الفكر والرأي والمال والخير لإطلاق مهرجان سنوي يتسابق فيه المنشدون والملحنون والشعراء شبابا وشيبانا علنا نستطيع أن نرعى براعمنا ممن آتاهم الله موهبة ونعمة الصوت الجميل والكلمة العذبة وعلنا أيضا نساهم باستخدام هذه الآلية في استدخال قيمنا في نفوس أطفالنا وأبنائنا وبناتنا. فنحن نعلم جميعا أن بقاءنا مرهون ببقاء هذه القيم وأنها هي المقدسة في حين أن الأساليب كثيرة وهي بحاجة للتطوير بما يتلاءم مع احتياجات النفس البشرية في كل زمان ومكان. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 146 مسافة ثم الرسالة او عبر الفاكس رقم: 6327389 الهاتف: 2841552 الإيميل: [email protected]