كثير من منشدينا يسافرون للخارج للمشاركة في محافل إنشادية، وهم بهذه الصفة يمثلون بلادنا فنيًا بأعمالهم، وأخلاقيًا من خلال تصرفاتهم وطريقة تعاملهم مع الغير. وهنا يتساءل البعض عن الكيفية التي تضمن خروج المنشد بصورة حسنة مشرفة تعكس صورة المملكة العربية السعودية، فهناك من يقول: إن هؤلاء مجرد منشدين ويكفي لحسن تمثيلهم لبلادهم أن يكون صوتهم حسنًا وتكون أعمالهم ذات جودة عالية، ويشير آخرون إلى أنه من الضروري أن يتمتع المنشدون بالقدرة على تسويق أنفسهم بطريقة مناسبة، "الرسالة" طرحت هذا التساؤل على بعض المختصين ورؤساء الفرق الإنشادية فأجابوا بالتالي: رسالة سامية بداية يوضح قائد منظومة فرح جدة جميل العميري أن المنشد أحد الأدوات لعكس صورة دينه ووطنه في المحافل الخارجية، ويكون تأثيره إما إيجابيًا أو سلبيًا، ويعود ذلك إلى أدائه وكلماته التي يشدو بها في المحافل، فبعض الكلمات لها وقع جميل ويحبها الجميع، وكذلك نسمع الكلمة الهادفة التي لها معنى جلي وتخرج من القلب وتصل لقلوب المستمعين، مع مراعاة أنه يفضل اختيار المنشد صاحب الصوت الشجي والعذب، فهذا مما يساهم في لفت نظر الناس بالخارج إليه، والذي يعتبر صورة عاكسة. وطالب العميري أن يكون الإنشاد وسيلة للوصول إلى هدف معين، وهو تقديم رسالة سامية وأن يخرج بصورة مشرفة، ضاربا بذلك ما كان يقوله النبي -صلى الله عليه وسلم- لشاعره حسان بن ثابت: "أهجهم وروح القدس معك" وهذه كلمة صادقة من رسول رب العالمين تبين مدى تأثير الصوت. واختتم العميري حديثه بالطلب من جميع المنشدين أن يكون دخولهم في هذا المجال وسيلة في طاعة الله، وأن يجتهدوا في استخدامه بالجانب الخيري. التسويق الخارجي من جانبه أوضح مسؤول تنظيم المهرجانات والفعاليات السياحية أحمد الجعيثن أنه يتوجب على المنشد أن يعرف كيف يستطيع أن يثبت نفسه خارجيا، وقال: من الصعوبة أن يصل المنشد لهذه الدرجة إلا بعد تقديمه لتنازلات معينة في بعض الجوانب ليستطيع الوصول للآخرين، الشيخ مشاري العفاسي على سبيل المثال كان صاحب البداية في هذا الأمر، فقد كان في بداية الأمر قارئًا ثم بدأ في إخراج كليبات إنشادية ولكنها لم تكن كبقية الكليبات، وإنما كانت ذات جودة وقوة عالية الوضوح في جانب الصورة وكذلك الصوت. وبين الجعيثن أنه على المنشد إذا أراد الوصول لهدف معين أن يحافظ على مبادئه وأن لا يقلل من شأنه، فبعض المنشدين عندما يذهب لأي بلد آخر نجده يتنازل عن مبادئه شيئًا فشيئًا، وقد يمزج أناشيده بإيقاعات في الخارج وهنا المشكلة، فسيصبح ذا وجهين وعندما نراه في بلده وخاصة بالمملكة العربية السعودية، فإننا نجده ينشد بدون إيقاع رهبة من الناس المحيطين به ومجتمعه الداخلي الذي يعرفه. التمسك بالإصالة أما قائد فرقة ربى الفنية المنشد أكرم العروسي فيوضح بأن مسألة عكس صورة المنشد لنفسه ووطنه ودينه بالخارج لها جوانب كثيرة تتعلق بجمال الصوت والأخلاق والأداء الفني والزي والشكل الخارجي، والمنشد الذي له هدف أو رسالة نجده يظهر بشكل جميل وجيد. وقال: في الدول الأخرى عندما تأتي بمنشد من الخارج فإن الجمهور يريد منه أن يلحن وينشد باللون الذي عرف عنه في بلده وهذا الأمر لا يراعيه أكثر المنشدين، فالبعض عندما يذهب لدولة أخرى نجده يحاول محاكاة الدولة الذاهب إليها وذلك في طريقة أدائه وإنشاده وهذا من الخطأ، فعلى المنشد أن ينشد باللون الذي يبدع فيه والجميع يعرفه عنه؛ لأنه طلب لهذا الأمر، وعليه أن يفرض هويته وليست هوية المكان الذي يذهب إليه؛ لأن الناس في الخارج تريد رؤية لون جديد وليس لونًا مكررًا للذي لديهم. وأشار العروسي إلى أن أغلب المنشدين الذين يذهبون للخارج إما أن يكونوا من ذوي الأصوات العذبة والجميلة ويقدموا عملهم بإتقان، أو أن تكون لهم علاقات ومصالح مشتركة مع أناس آخرين ولهذا يطلبون في الخارج، متحسرًا بأنه عندما يذهب للخارج فإنه يجد أن عامة الناس تعطي الإنشاد كثيرًا من الاهتمام ولا يتجاهلونه كما يفعل البعض هنا. تمثيل الوطن من جانبه يطالب رئيس فرقة فرح جدة الفنان عثمان الغزالي من يشاركون بالخارج سواء كانوا منشدين أو فنانين أن يقدموا تراث وطنهم الأصيل بكل ما فيه من أحاسيس ومشاعر، وأن يستذكر ساعة الأداء وطنه حتى يصبح هو الوطن ويكون خير سفير لوطنه، وقال: على المنشد أن يكون بالمقام الأول ممثلًا لدينه ووطنه قبل أن يمثل نفسه، وأن يظهر بخلق حسن، وبعد ذلك يهتم بالأداء الفني. وأضاف الغزالي بأن المنشدين الذين يتم استقطابهم في الخارج إما أن تكون لهم جماهيرية وشهرة عالية، أو يكونوا في قمة درجات الإبداع، ولكن عليهم إذا أرادوا أن يبرزوا بأفضل صورة فعليهم تقديم الأداء الحسن لهم على المنبر الإنشادي؛ لأن الناس ستراهم عليه فقط ومن المفترض الاجتهاد في تقديم أنفسهم.