يدرك الجميع حجم العقبات الإدارية وتنوع وكثرة الأساليب البيروقراطية، وتخاذل بعض الإجراءات الروتينية العقيمة عن مواكبة العصر، وما خالط ذلك من الفساد الإداري والحسابات الشخصية في بعض الإدارات والمؤسسات. ولاشك أن تلك الأمور تؤدي إلى انخفاض مستوى الإنتاج والرضا الوظيفي، وتأخر تنفيذ المشروعات التنموية، وإهمال تطوير الكوادر البشرية. ونتيجة لشدة التيار المضاد، يتنازل كثير من المسؤولين عن أفكارهم الإبداعية التي تبنوها في بداية توليهم الإدارة، ويتجاهل بعضهم وعودهم الرنانة بالعمل لصالح إداراتهم، ويخضعون تدريجيا لتيار التسلط الإداري، ويألفون التراخي الوظيفي، ويولعون «ببريستيج» المنصب، غافلين عن مشكلات مؤسساتهم المتفاقمة، متنصلين من مسؤولياتهم، مستسلمين للملل وانحسار الأمل. ولدى مواجهتهم، يعترف كثير منهم بالغيظ والإحباط من تدهور الأحوال، وعشوائية القرارات، بالرغم من توافر الإمكانيات الفكرية والمادية. إلا أن منهم من تأخذه العزة بالإثم، فيصور فشله نجاحا ويسوق لقراراته الخاطئة، في ظل استتار الضمير، وقصور الرقابة الإدارية. وهنا أتساءل: لماذا لا يستقيل هذا المسؤول أو ذاك المدير من منصبه المنوط به بعد ثبوت عدم أهليته للعمل، وتواني كفاءته الذهنية والنفسية عن القيام بأمانته الإدارية ؟ ولماذا يستميت أحدهم في معركة حفاظه على الكرسي، رافضا فكرة استقالته، مانعا تسليم أبسط الصلاحيات الإدارية إلى غيره من الكفاءات، على الرغم من قلة حيلته، وتدني أدائه المهني ؟. أليس هذا نوع من النفاق الوظيفي، وانفصام لا يجوز تبريره ؟!. إن الأولى الترفع عن ولاية شؤون الناس، إذ من الحكمة أن لايطلب المرؤوس تعيينه مديرا أو مسؤولا كي لايوكل إلى نفسه، وأن يزهد في مناصب الحل والربط، تجنبا لتضييعه الأمانة. ومن العقل أن لا يسلم من طلب المسؤولية زمامها، هذا إن كان يعتقد في نفسه الصلاح والقدرة، فما بالكم إن قصد الشهرة والسلطة، ولم يكن للإدارة كفؤا؟!. فيا من قصرتم في أداء حقوق الناس وقد أوكلكم الله أمورهم، تحلوا بالشجاعة واحفظوا ماء وجوهكم، واعترفوا بتقصيركم، ولاتستعجلوا سخط الله بظلمكم عباده، واستقيلوا يرحمنا ويرحمكم الله. *استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم جدة