ماذا نتوقع من تلك الرؤوس الصغيرة المتسمرة أجسادها خلف شاشات التلفزيون، يتنقلون بالريموت كنترول لمشاهدة ما طاب لهم من برامج وأفلام كارتونية دون حسيب أو رقيب؟. الأسرة الصغيرة ترى في أفلام الكرتون ساحة لتفريغ شحنات أطفالهم، والحقيقة أنها تكفيهم من تأدية واجباتهم التربوية، أما الأسرة الكبيرة، فانشغل المهتمون منهم بتصحيح المسارين الفكري والتربوي في مجتمعنا بتغيير أرقام بعض الصفحات في المقررات المدرسية حيناً، والتنظير تحت أضواء الفلاشات أحياناً أخرى، فراحوا يرممون السقف المكشوف، فيما الأساسات تنهار. وفي حين تتقاذف مؤسسات المجتمع مسؤولية الانحراف الفكري لأبنائه، يخنع الناشئة تحت جبروت الريموت كنترول وفضاء أفلام الكرتون الخيالية، تحت تأثير شخصيات ابتكرها مهووسون بكل ما يخالف الطبيعة، لتلقن الأطفال أساليب العيش، بالعنف والقتال، والتمرد والانعزال، والوقوف على أراض هشة لا صلة لها أبداً بحياة الواقع. ثراء معلوماتي خال من القيم تكدسه تلك الأفلام بين جدران الرؤوس الصغيرة حتى تنفجر بالغباء الذي يظهر جلياً في تصرفات أصحابها، الألوان بالآلاف، والأشكال لا علاقة لها بخطوط الهندسة، وهزال يأكل الأجساد النامية أمام الصناديق السحرية، والنتيجة طفولة ضائعة في شوارع الفضاء، وحرمان عاطفي يشوش الصور الذهنية ويضعف القدرات العقلية في الربط والتحليل والاستنباط، وبالتالي أفراد من المفترض أن يكملوا مسيرة البناء، يمكن التحكم في تصرفاتهم بواسطة نفس الأداة التي شكلت عقولهم أيام طفولتهم البائسة، وبصرف النظر عن الأضرار التي سيلحقها سلوكهم المعيشي في المجتمع، فبالإمكان أن تتحول أجسادهم إلى عبوات ناسفة يستخدمها دعاة الإرهاب تحت أي شعار يرغبون بمجرد تعديل تردد الموجات الفكرية. ويطالب مراقبون أن تضطلع مؤسسات المجتمع بدورها، بدءا من أسرة الطفل، وانتهاء بتحسين المناهج، والعمل على تقييد حرية القنوات الفضائية التي تسيطر قنوات الأطفال على أبنائنا بشكل كامل، خصوصا أن البلدان التي تنتج أفلام الكرتون وتبث أفكارها العقائدية والثقافية المنحلة على مدار الساعة، لا يسمح لأطفالها بمشاهدة التلفزيون أكثر من ساعتين في الأسبوع، تحت وصاية البالغين؛ لضمان صحة وسلامة الأفكار المنقولة مباشرة لعقول الأطفال، وتفادي الكثير من الأضرار الصحية نفسياً وبدنياً واجتماعياً.