يوم الثلاثاء الماضي، قرأت للأستاذ محمد الحساني (جاري في الطابق العلوي)، تحليلا طريفا لأسباب الخلافات الزوجية المؤدية إلى الطلاق، فوجدته اختزل الأسباب في نقطتين عدهما الأساس الذي تنطلق منه غالبية المشكلات. هاتان النقطتان هما (تسلط الزوج) و(تمرد الزوجة). الزوج يستمد تسلطه من كونه رجلا والزوجة تستمد تمردها من كون زوجها (متسامحا) معها فتعد تسامحه ضعفا وخورا. وإذا كان من الممكن فهم (تسلط) الزوج أنه يعنى الإصرار على فرض رأيه وتقديم رغباته وعدم إفساح المجال للاعتراض أو إبداء الرأي، فإن تمرد الزوجة الذي أشار إليه الكاتب وعده أس البلاء، وأصل المشكلات يحتاج إلى تريث حتى يمكن فهمه. رجعت إلى لسان العرب ومختار الصحاح لأفهم معنى المراد بالتمرد، فوجدت من معانيه: (العصيان وتجاوز حد المثل) فسألت نفسي هل هذا مايعنيه الكاتب بتمرد الزوجة، أن تعصي، وأن تجاوز حد أمثالها؟!، وعلى أي شيء يدل ذلك؟، في ظني أنه يدل على أن الكاتب يرى الأصل في الزوجة الطاعة! وأن المتوقع منها أن تبقى في (حد أمثالها)؟، وما هو هذا الحد؟، من السياق يتوقع أن يكون (الالتزام بما تؤمر به وعدم الخروج عما يطلب منها). قبل أن أستطرد أتوقع أن مقالي هذا سيغضب كثيرين وسيجر علي سخطهم، لكني أود طمأنة الغاضبين أن لا يقلقوا كثيرا فأنا لا أقصد دفاعا عن المرأة، وإنما هو مجرد (تحليل) لأسباب المشكلات الزوجية، كما فعل جاري الكريم. حين نتأمل في وصف الكاتب لمعارضة الزوجة وعدم انصياعها لما يراه الزوج، بأنه تمرد ناشىء من (تسامح) الزوج، فإن هذا الوصف يكشف لنا عن المفهوم المترسب في الأعماق لنمط العلاقة بين الزوجين، وهو مفهوم ليس خاصا بالكاتب وحده، وإنما هو سائد عند كثيرين من الرجال غيره، حيث ينظر إلى العلاقة بين الزوجين من منظور (طبقي) وليس (نديا). والمنظور الطبقي يجعل الأصل أن تطلق يد الزوج في كل شيء، فإن هو ترك الزوجة تبدي رأيا أو تعترض أو تختار فإن ذلك يعد تنازلا منه وفضلا يدل على طيب خلقه وحسن معاشرته، وليس حقا جوهريا للزوجة متى حرمها منه عد مخطئا ومتجاوزا، وفي المقابل يكون الأصل حسب هذا المفهوم، بقاء الزوجة تابعة للزوج مطيعة له فيما يطلب أو يقول، فإن هي لم تفعل، عد ذلك (تمردا). إلا أن هذا المفهوم للعلاقة بين الزوجين، إن نجح في زمن مضى حين كانت النساء جاهلات ومنعزلات عن الحياة العامة ومعتمدات اقتصاديا على الزوج، فإنه في هذا الزمن لم يعد الأمر كذلك، ولا بد للأزواج الأعزاء من أن يعترفوا بالتغيير الذي طرأ على عالم النساء، بعد أن نفضن عنهن غبار الجهل والعوز، وصرن في بعض الحالات يعرفن أفضل مما يعرف الأزواج، ويكسبن أكثر مما يكسبون، فما عاد ترضيهن سوى علاقة ندية مبنية على التشاور والتناصح والتراضي، حقا أساسيا لهن، وليس تنازلا من الزوج وتفضلا منه. ومالم يغير أولئك الرجال مفهومهم العتيق للعلاقة بين الزوجين، فإنه لا غرابة إن باتت المشكلات الزوجية تتفاقم وحالات الطلاق تتزايد. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة