من يتأمل في القرآن الكريم، يجد أن الشرط الوحيد لدخول العباد جنة الخلد هو (الإيمان والعمل الصالح)، وتتكرر في القرآن الآيات التي تنص على ذلك مثل قوله تعالى: (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا، يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا)، (ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب)، (وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى)، (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات)، (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات) وغيرها، وهي كلها تؤكد أن من أراد أن يحظى بالجنة التي هي حلم كل مؤمن، ما عليه سوى الإيمان بربه والاجتهاد في طلب العمل الصالح الذي يرضيه، وليس مشروطا عليه أن يكون خلوا من الذنوب غير مقترف لشيء منها، (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم)، فالله سبحانه وتعال العادل الرحمن الرحيم يعلم أن اقتراف الذنوب هو من الفطرة التي وضعها في عباده، وأنه ليس بأيديهم، مهما اجتهدوا، أن يكونوا أنقياء من الذنب، لذلك هو لم يشترط عليهم للفوز بالجنة عدم وقوعهم في الذنب، واقتصر في ذلك على اشتراط الإيمان والعمل الصالح، وطبيعة الحال من العمل الصالح، السعي الدائم إلى التوبة والاستغفار من الذنوب والخطايا. وهذه الصورة التي يبينها القرآن الكريم لما هو مطلوب منهم للفوز بالجنة، هي ما يتفق مع الطبيعة الإنسانية المفطورة على الزلل والانسياق أيحانا وراء المباهج المحرمة، وعندما يتذكر العبد المؤمن أن كل ما عليه لدخول الجنة ونيل رضا ربه هو أن يجتهد في اكتساب العمل الصالح، حتى وإن ناء ظهره بالخطايا، ينبعث الأمل في صدره ويرى رحمة الله قريبة منه (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا)، فتطمئن نفسه ويتولد لديه الحماس للاستكثار من الأعمال الصالحة عسى أن ينال بها رضا ربه وعفوه عنه. لكن بعض الوعاظ والناصحين يطرحون صورة أخرى مختلفة، حيث يجنحون في خطبهم وأحاديثهم الوعظية، إلى إطلاق الإنذار تلو الإنذار بحرمان المذنبين من الجنة، أو بأنهم ملعونون مطرودون من رحمة الله، لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها، إلى آخر تلك الإنذارات المغلظة على فعل أمور كثيرة، بعضها مختلف حوله، وبعضها لا يرقى إلى الكبائر مثل كشف الوجه أو الشعر للمرأة، أو سماع الأغاني، أو عدم طاعة الزوج، أو نمص الحواجب، أو إسبال الثوب للرجل أو حلق اللحية وما شابهها من الذنوب التي لا يكاد ينجو من الوقوع في شيء منها أي مسلم. وهم يفعلون ذلك بهدف حث الناس على التوبة والاستغفار والإقلاع عن المعاصي، لكن الناس حين يسمعون تلك الإنذارات المنبئة بالمصير السيئ لمرتكبي الذنوب وحرمانهم من فرصة الدخول إلى الجنة، يعتريهم اليأس ويطبق على صدورهم التشاؤم بأن لا أمل لهم في النجاة، لأنهم يعلمون أنهم وإن تابوا عن بعض الذنوب، هم لا يضمنون عدم وقوعهم في غيرها، فمن المستحيل عليهم الخلو التام منها، فتهبط همتهم ويفترون عن الاجتهاد في إتيان العمل الصالح المندوب إليه، اعتقادا منهم أن لا فائدة من ذلك طالما أنهم وقعون في الذنوب والمعاصي. وشتان ما بين الصورتين. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة