الشباب والشابات يعيشون حياة خانقة، والمتابع لقضاياهم سيجد مشكلاتهم طافية على السطح من غير أن تتحرك جهات الاختصاصات لمعالجة تلك المشكلات.. وجميعنا يستطيع أن يشير لتلك المشكلات التي تتوالد مع الأيام وتفرز مشكلاتها الداخلية. وكل مشكلة مهما تناهت في الصغر يأتي عليها زمن وتكبر مالم يتم جرفها وتمهيدها أو تعبيدها.. ومن القضايا المقلقة هروب الفتيات وهروبهن لم يحظ بالدراسة وإيجاد الحلول، فليس صحيحا أن ثمة أسبابا محددة لهذا الهروب ك(التفكك الأسري، الناتج عن الاضطراب النفسي الذي يصيب رب الأسرة أو أن يكون ولي الأمر مدمنا على المخدرات أو غياب القدوة الحسنة داخل الأسرة كما ذكر المدير العام للشؤون الاجتماعية في منطقة مكة).. فهناك أسباب أخرى أكثر تعقيدا من هذا التبسيط المخل لمثل هذه المشكلة، فنحن غالبا نلغي الحالات النفسية التي تعتري الشباب لأسباب مختلفة قد يكون الجانب الاقتصادي في مقدمتها. وعلينا الاعتراف بأن الحياة غدت مكلفة وباهظة الثمن، ولكي يعيش الشاب أو الشابة فهما بحاجة لاشباع النهم الاستهلاكي أو تقنينه. ولأن ثقافة المجتمع انطلقت (في الخط السريع ) الاستهلاكي من غير ترشيد أو خلق بدائل غدا الشباب باحثين عن ما يحفظ ماء وجوههم من لاوازم (في الغالب تكون ثانوية من وجهة نظرنا بينما تكون هي الأساس من وجهة نظرهم).. والذي يحدث في البدء تضخيم المشكلة من خلال التعبئة الإعلامية وخاصة القنوات الفضائية، هذه التعبئة تأخذ أشكالا مختلفة تبدأ بالتنظير عن الحقوق ولا تنتهي بالإعلانات عن أحدث المنتجات والسلع التي يجب أن تكون بحوزة الفتاة العصرية، هذا التلقي يشعر الفتاة بأنها محرومة من ملذات الحياة فتنطلق للبحث عنها بأي وسيلة كانت (حتى ولو بالهرب من بيت الأسرة) وهناك فتيات (أخريات) مسجونات لا تتلقى هذا الضخ الإعلامي ولكن عدم تفهم الأسرة لاحتياجات هذه الفتاة النفسية يولد لديها الشعور بالقهر والاستعباد، وبمجرد أن تروي حكايتها لصديقتها (مهما كانت بسيطة) تجد من زميلتها (تهويل) الحالة ودفعها للبحث عن وسيلة للخروج من هذا الجو الخانق. وهناك صور عديدة لأسباب الهروب (قد يكون ليس لولي الأمر دور فيها) بينما لاتوجد حلول متعددة بتعدد واختلاف المشكلة، فالحل المبدئي القبض على الفتاة وإعادتها لبيت أسرتها من غير حل أسباب هربها، وربما تكون في عودتها قتل مادي أو معنوي مدى الحياة أو القبض عليها بعد أن تورطت وتنقلت من مكان لآخر ورميها في السجن، وأي هاربة ستلجأ إلى من يتستر على هربها وفي مقابل التستر دفع المقابل. ولأن هذه القضية مشكلة اجتماعية تعني الجميع أعتقد أن من الضرورة توفير ميزانية مستقلة لمتابعة هذه القضية ميدانيا وعدم الاكتفاء بالحلول القاصرة المتبعة حاليا، بحيث يكون الهدف ليس إيقاع العقوبة بالهاربة وإنما بحل أسباب الهروب اجتماعيا وماديا ونفسيا، ومثل هذه الخطة تحتاج لمال وفير وأعتقد أن وزارة الشؤون الاجتماعية لن تخاطر بميزانيتها من أجل مشكلة واحدة تعترضها. والحل أن يتم اجتزاء مبالغ معينة من ميزانيات (وزارة التربية والتعليم، هيئة الأمر بالمعروف، وزارة الشؤون الاجتماعية، الرئاسة العامة للشباب، وزارة الصحة، مصلحة السجون) ومن هذه المبالغ يتم الوقوف على المشكلة والإحاطة بها بدلا من (نتفها) من جهة واحدة كي لايتمزق المجتمع من كثرة (النتف). [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة