لدى الرئيسين دميتري ميدفيديف وباراك أوباما ولع مشترك، فكلاهما يحبان الكلام المبرمج ويكررانه بانتظام. وحتى كلمتاهما أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة الأربعاء الماضي، كانتا متشابهتين إلى حد كبير. فهل أدت عملية «إعادة الإطلاق» إلى أن يصبح زعيما الدولتين العظميين اللتين وقفتا قبل فترة قصيرة على حافة مواجهة شاملة، وكأنهما حملوا بنفس البرنامج؟. الزعيمان يناديان بعدم انتشار الأسلحة النووية، ووعدا بتقليص ترسانتيهما النوويتين. وحتى تعداد المقترحات العملية يكاد أن يكون متطابقا. وكل واحد منهما أقسم بإخلاصه للأمم المتحدة كإرث فريد من نوعه للقرن العشرين، ويجب تحديثه وتطويره. الاختلافات الخارجية: ميدفيديف يتكلم بشكل ملموس ومختصر، أوباما أكثر كلاما وأكثر عاطفية. ومن الملاحظ أن المستوى الأيديولوجي كان منخفضا: أوباما لا يؤكد كل لحظة على الحرية كما كان سلفه، وميدفيديف تخطى التذكير التقليدي بالمسؤول الرئيسي عن الأزمة المالية والمآسي الأخرى. جوهر الحديث قريب جدا، وأحيانا من الممكن عدم التفريق بينهما. لكن المقارنة الدقيقة للمقالات المتشابهة بالنسبة لحل المشاكل العالمية، تظهر الاختلافات الرئيسية في المنهج. أوباما يرى أن مفتاح حل المشاكل العالمية يكمن في أن تلعب الولاياتالمتحدة دورا أكثر نشاطا، وأن تضع أمامها أهدافا طموحة أكثر، وأن تجذب وراءها الآخرين. لكن ميدفيديف، يرى أن عنوان النجاح يكمن في خفض مستوى الطموحات الأمريكية، وجعل أمريكا دولة كغيرها من الدول في هذه العملية. الرئيس الروسي يتكلم عن تجاوز الماضي، لكن مع هذا مرة أخرى يعود مذكرا بالحرب العالمية الثانية. موقفه منطقي: الأممالمتحدة ظهرت إلى الوجود أصلا نتيجة للحرب العالمية، وإعادة النظر بنتائجها يقوض شرعيتها. أوباما أيضا يتحدث عن تلك الفترة، لكن ليس عن ظروف محددة أدت إلى تأسيس الأممالمتحدة، بل إلى الأفكار العامة لفرانكلين روزفلت بالنسبة إلى «توحيد الجهود». ولاحقا، من الممكن الاستنتاج، أن هذه الأفكار بقوتها في تلك الفترة لم يتم تطبيقها على أرض الواقع، والآن حان الوقت لفعل ذلك ولكن في وضع جديد. ومع ذلك، يعتقد ميدفيديف أن الأممالمتحدة المتشكلة بعد الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد تلك الهيكلية، هي التي يجب تعزيزها في كل شيء. عمليا، بلفظهما لنفس الكلمات، لكنهما يتكلمان كل واحد عن ما يهمه. من المحتمل أن يوقع الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف تحت كلمات أوباما عندما قال: «الأقوال وحدها لا تحل مشاكلنا». إلى الآن لم تخنهما الكلمات. * رئيس تحرير مجلة «روسيا في السياسة العالمية»