التربية والعلم والثقافة لا يمكن أن تخضع بأي حال من الأحوال لأمجاد الماضي ومنجزات التاريخ التليد، والوقوف عند ذلك الحد ثم المطالبة بمنح الأوسمة والاستحقاقات تحت شعارات «كنا وكنا». جزء من ثقافتنا المحيطة رسوخ الاعتقاد بأن هناك مناصب «شرفية» وأخرى «كرفية»، وأن الإنسان بعد «كده» لا بد من تقلده منصب «التشريف» ولو كان على حساب خرابه المتولد بعد كده، وإن لم يحز مرتبة الشرف؛ فسهام التخوين والتآمر والسخرية تسدد وتعلن الحرب الخفية!. لم تكن معركة المرشحين العرب مع «اليونسكو» ناعمة الرحى في يوم ما، وتوق الرئاسة قض مضاجع مرشحينا إلى حد السخرية منذ تسنم الياباني كوتشيروا ماتسورا رئاسة المنظمة دافعا بأديبنا الوزير الدكتور غازي القصيبي إلى إطلاق طروس رائعته «دنسكو» التي هطلت علينا برموزها ورمزيتها عام 2000، بعد مرور عام على خسارة الوزير لمنصب الرئاسة لصالح المرشح الياباني، وسرد القصيبي لعالم متخيل اتخذ من مصدر «دنس» فصولا لدهاليز المنظمة الممتلئة رواية بالمكائد والرشاوى والاختلاسات والمؤامرات، لذلك أصبحت «مدنسة»، والمعنى في بطن الراوي. «دنس» هذا العام جاء على لسان المرشح العربي الثاني وزير الثقافة المصري فاروق حسني الذي خسر أيضا رهان الترشيحات أمام البلغارية إيرينا بوكوفا، وجعل فارق الأصوات الثلاثة ملهبا لسوط التصريحات الصحافية التي ختمها الوزير بإعلان التآمر عليه وتخوين دول الشمال التي لم تسمح بفوز مرشح من دول الجنوب، وفي مقدمة المتآمرين السفير الأمريكي في المنظمة، وكأن الإطار العام الذي سبق له تعيين مواطن من دول الجنوب كالمصري بطرس غالي على سقف المظلة الجامعة لوكالة اليونسكو وغيرها استيقظ ممانع لاختيار مرشح عربي!. ما يشد الانتباه في معركة اليونسكو الأخيرة، تصريح الوزير حسني بعد خسارته «لقد شعرت بالمؤامرة منذ البداية، وزاد شعوري بها قبل الجولة الأخيرة من الانتخابات»، والسؤال المحير فعلا: ماسبب استمرار الوزير في الانتخابات طالما أن شعور المؤامرة مكتشف لديه منذ بداية الانتخابات؟، ولماذا لم يعلن التخوين والتآمر إلا بعد انفضاض السامر وليس في حين استيقاظه، من باب «اللي هذا أوله ينعاف تاليه»؟. لا أعرف إن كان في عقل مرشحنا العربي الخاسر مشروع جديد مناهض عطفا على تصريحاته النارية، كفعل أمريكا وبريطانيا بانسحابهما من المنظمة منتصف الثمانينيات بحجة استغلالها من الشيوعيين لمهاجمة الغرب، ثم العودة إلى مظلتها مجددا... وكأن حس «المؤامرة» متغلغل في مشاريع اليونسكو منذ نشأتها، وما علينا سوى الاستئناس بمشاهدة فصول معاركها بين الخاسرين. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة