اشتكى عدد من المفرج عنهم من السجناء عدم تقبل المجتمع لهم بعد قضائهم العقوبة التي قررت عليهم، وشرحوا معاناتهم خصوصا في ما يتعلق بالحصول على عمل يعيشون من مدخولاته ويقيهم العوز والحاجة، ذلك غير ماوصفوه بالحرمان من العلاقات الأسرية رغم رغبتهم الجادة في بدء حياتهم من جديد والاتجاه إلى العمل والبعد عن الأسباب التي أدخلتهم السجن. أبو خالد 33 عاماً والذي مضى على خروجه من السجن 3 سنوات بعد قضائه عقوبة ترويج مخدرات، وصف حالته قائلا: أمر بظروف عائلية صعبة وبعد وفاة والدي عندما كنت في السجن، وجدت نفسي مسؤولا عن والدتي واخواني، بالإضافة إلى الديون التي تركها والدي يرحمه الله، ويضيف: بعد خروجي من السجن عزمت على أن أبدأ حياتي من جديد والبدء في ايجاد وظيفة لي بالحلال والزواج لتحصين نفسي وأن لا أعود إلى الخطأ مرة أخرى، اتجهتُ إلى عدة جهات حكومية وخاصة طلبا للعمل، ولكنني واجهت رفضا قاطعا كوني سجينا سابقا، ورفض بنك التسليف إقراضي بعض المال كون زوجتي أجنبية، لتذهب كل طموحاتي وأحلامي سدى، ولم أجد من مجتمعي غير القسوة. مجتمع لايرحم كذلك قال م.ع 29 عاما إنه حكم عليه بالسجن لمدة سنتين و500 جلدة، بتهمة ترويج المخدرات، وألمح أن حياته كلها توقفت بسبب رفض أغلب القطاعات الحكومية والخاصة توظيفه، وتحدث عن الظروف القاسية التي يعيشها: سابقا كنت بحاجة ماسة إلى المال لأصرف على أسرتي، وقد تعرفت على أصدقاء السوء لأجد نفسي حينها أعمل في توزيع المخدرات، وكنت أتقاضى مبلغا يصل إلى 5 آلاف ريال اسبوعيا، ولم أكن أعرف بحسب حداثة سني وقتها أن ما أفعله لم يكن صوابا، وبعد انتهاء مدة محكوميتي والحديث مايزال له تغيرت حياتي، وانتقلتُ لمنزل آخر بعيدا عن رفقاء السوء، وإلى هذه اللحظة وأنا دون عمل أو وظيفة أو دخل ثابت. تكوين عائلة ولا يختلف حال أبو محمد 37 عاما عن سابقيه، وقال إنه يتمنى الحصول على عمل حتى وإن كان يدر عليه دخلا بسيطا، ليعول به نفسه وأسرته ويحافظ عليها من الضياع «أردتُ أن ابدأ حياة جديدة بعد خروجي من السجن وإيجاد وظيفة أعول بها نفسي وأسرتي، من جهته علق الاستشاري الأسري والنفسي الدكتور خالد باحاذق «يجب أن يعي المجتمع أن السجين مواطن وجزء منه، ولابد أن يمدوا له يد العون وتأهيله بل وتقبله كما يُقبل أي مواطن لوظيفة معينة، فالمخطئ قد نال جزاءه و الحسنات يذهبن السيئات، وإن كانت العقوبة لسلوك محدد، فإن الإنسان يبقى الخير فيه، و إذا تم قبوله على أنه إنسان صالح، يمكن له العيش بكرامة بغض النظر عما بدر منه في السابق». وتقول الكاتبة وسيدة الأعمال الدكتورة عائشة نتو «هناك موروثات لانستطيع أن نتخلص منها بين ليلة وضحاها، كون البعض يعتقد ان السجين هو مرتكب للجريمة حتى مابعد خروجه من هذه الدائرة، وأرى أن الأعمال الحرة تساعده ليبدأ حياته من جديد ودعمه معنوياً، مادياً، ومهنياً واجب مطلوب، ليبدأ المشروع الذي يريد». وحول عدم تقبل المجتمع للسجين تقول نتو «قد يساعد ذلك على ارتكاب عدة جرائم اخرى في حال لم يتقبله المجتمع بعد خروجه، مايجعله يرتكب عدة جرائم». فيما أكد مدير مكتب العمل في جدة قصي فيلالي أن المكتب بصدد التنسيق فيما بينه وإدارة السجون لتوظيف السجناء بعد انتهاء مدة محكومياتهم بعد دراسة مؤهلاتهم والمجالات التي يمكن لهم العمل فيها. وأضاف فيلالي: من واجب الجهات أن تتعاون مع مكاتب العمل لتوظيف السجناء مراعاة لظروفهم الاجتماعية والمادية التي يعانون منها.