في دهاليز السجون آهات وآهات، ترتفع تارة وتخبو تارة أخرى، تؤكد لك الزيارة منذ الجولة الأولى أن في تلك الزوايا وأركان المكان الموحش ثمة أشخاص نالوا الجزاء العادل والمكان الآمن لهم وللمجتمع. قسمات وجوه أولئك تنذر بشرارة الشر، لكن في ثنايا تلك الزوايا وخلف الكواليس قسمات وجوه أخرى لأشخاص وقعوا ضحية المجتمع وخطأ لم يغتفر يرمون باللوم على من قادهم إلى هذا المكان ومن كان السبب في جريمة رأوا أنها لا تستحق أكثر من العتب والتعامل باللين. رسالة دمرت حياتي الحالة الأولى هي لخمسيني لم يدر بخلده أن رسالة جوال إثر مشاجرة حدثت بينه وبين خصمه أن تزج به في دهاليز السجن شهورا بعد أن أدين بها فحكم عليه بسياط العصا (429) جلدة وهو لا يعرف مصيره حتى حينه، يعض أصابع الندم يرقب من خلف القضبان كل بارقة أمل وطيف خيال أن يسمع كلمة واحدة غابت عنه طويلًا (أنت برئ). يقول النزيل (ع – ج ) 45 عامًا الذي يعول 12 فردا والمحكوم عليه ب (7) أشهر والألم يعتصر فؤاده (قضيتي قضية ادعاء واتهام بالباطل) فلم تكن قضيتي قضية مخدرات أو سرقة أو قتل أو طعن في شرفي إنما قضيتي قضية ادعاء من خصمي بأني قد أرسلت على جواله رسالة تهديد وإساءة فقط لا غير ومن شريحة ليست بشريحتي ورقم هاتف ليس برقمي. ويضيف: حدثت بيني وبين خصمي عداوة حينما اتهم ابني في قضية ما والتي كسبناها وخرجنا منها براء قبل 4 سنوات رغم محاولاته المتكررة وانتهت بالوفاق بعد تدخل الخيرين من الناس وقبل أيام من اتهامه لي بهذه القضية تقابلنا صدفة في إحدى الأسواق التجارية المعروفة بمكةالمكرمة فاعتدى على ابني الذي كان يرافقني بالضرب حينما شاهده معي ولم أكن أتوقع أن خصمي لازال يحمل في فؤاده غلا وحقدا علينا فبادلته بالمثل وبعد 3 أشهر من الحادثة رفع المدعي علي القضية بأن رسالة قد باغتته على هاتفه المحمول بها سب وشتم له ولزوجته أتهمت بها باطلا دون وجه حق. وأضاف: لم أعرف عن فحوى رسالة التهديد التي لفقت علي شيئا وهي من الأمور المخفية التي حكم بها علي دون علمي مع إصرار خصمي بأن سابقة تدعى اعتداء على الأخذ بجرمها. وعن الحياة التي عاشها في السجن والحياة خارجه وكذلك عن طموحاته وتطلعاته قال بحرقة والدموع تغالبه: السجن حياة كلها بؤس وألم، صاحبه دائم التفكر والبحث عن مستقبل مجهول، لقد منعت أسرتي من زيارتي كلهم ذكورا وإناثا، لم نتعود في عائلتنا أن يكون أحد منها سجينا في قضية ما، قضيتي مع صغرها ومع براءتي فيها أصبحت في نظر الآخرين القريبين والبعيدين مجرما شوهت سمعتي ومكانتي بين الناس. كنت أتطلع لحضور حفل تخرج ابني الأكبر من كلية الملك فهد الأمنية هذه الأيام وحفل تخرج ابني الآخر من جامعة أم القرى نهاية هذا الفصل لكنني لن أستطيع ذلك، متمنيا أن يحق الله الحق ويبطل الباطل، خاتما حديثه بأبرز الدروس التي شاهدها في حياة السجن البائسة منها رؤيته لأكثر السجناء المودعين ظلما، واستقامة الكثير ممن وقعوا في ارتكاب المحرمات، موجها نصيحته للشباب بالسير في الطريق الصحيح ومحاولة البعد عن الخطأ مهما صغر. قصة قتل درامية القصة الثانية لشيخ كبير يقبع خلف قضبان السجن منذ 15 عامًا، لم يعد يجد للحياة طعما، يكتفي في كل مرة نحاوره فيها أن العمر لم يعد فيه أكثر مما مضى إذعانا للقدر وخضوعا للأمر المحتوم. يصف وصوله خلف أسوار السجن بالقصة الدرامية والتراجيدا المؤلمة، لا يزال يساوره إحساسه بأن ما ارتكبه لا يستحق هذه العقوبة الكبيرة فالجرم في نظره لا يعدو كونه خطأ صغيرا تسببت الظروف في تضخيمها فكان كما يقول ضحية أسلمت نفسها لمجهول ينتظره في نهاية المطاف لا يدري أيسبقه ذلك المجهول المنتظر (حد السيف) أم تقصمه نهاية العمر. هكذا هي حال العم (س – ه) 57 سنة له (6 أبناء و2 بنت) المحكوم عليه بالقصاص فهو يعيش ما بين واقع مؤلم ينتظر أن تنتزعه رحمة السماء قبل عطف أهل الأرض وبين أمل يراه وقد أوشك القنوط أن يحتويه... نعم هي حال ذلك الستيني ترويها قسمات وجهه وعبرات عينيه قبل عبارات كلامه، قدم إلينا برفقة أحد الحراس الذي رأيناه يرفق به في كل خطوة يخطوها معه يجلسه أمامنا نسأله عن سبب ولوجه عالم السجناء فيقول والحسرة تلسع نياط فؤاده: القدر وحده أوصلني هنا وخطأي الآخر لم يغتفر. ويواصل: قصتي عالم من الخيال والغرابة والطرفة في نفس الوقت لا أدري أهو القدر أظهرها للعالم أم أن وراءها قصة أخفيت عن ناظري. نعم هي عصا حملتها لأردع ابن جاري وأدفعه بتكراره الاعتداء على ابنتي الصغيرة بعد أن طالبت أسرته بكف أذاه عنها إلا أنهم تمادوا وأصروا على إلحاق الضرر بابنتي وبأفراد أسرتي وقتا طويلا. ويضيف: عصاي التي أخرجتها لتأديب ابن الجيران يوما ما وقد غافلته حين دخوله داري فضربته بها صباحا على رأسه ظنا مني أن هذه الضربة قد تدفعه بعيدا عنا فخرج مسرعا ليأتيني الخبر مساء ابن الجيران قد وقع قتيلا من ضربة العصا التي لم يصدق عقلي حتى يومي هذا ما بال العصا لم ترديه قتيلا أمامي صباحا وما سر إدخاله المستشفى في ساعة متأخرة من الليل. وحول السبب في ضرب الابن الصغير بالعصا الغليظة يقول وعبارات النفي ترددها شفتاه وتحكيها حاله: لا ليست غليظة هي عصا لكنها سبب. يصمت ويغالب دمعتاه: القدر يابني لم أتصور تحول الضربة الصغيرة من العصا إلى مأساة أتجرع مرارتها سنين ثم سنين إلى يومي هذا.. القدر وحده. ثم يصمت مرة أخرى ويمسح عبراته: حاولت أن أدافع عن نفسي لكن دون جدوى (حكم علي حكم قاصر) أنتظر والانتظار مل صبره هي لحظات انتظرها يوما بعد يوم كبرت همومي وزادت معاناتي مع مضي أيامي مكبلا خلف قضبان السجن. كان 5 قضاة قد حكموا لي بدفع الدية إلا أن اعتراض خصومي على الحكم مرارا دفع الحكم الأخير إلى الاقتصاص مني ولازلت منتظرا الحكم. قهرت الدموع جبروت العم (س) في تصبره ففاضت الدموع تذرف مرة تلو أخرى يحاول إيقافنا عن إجراء الحوار لكن إصرارنا يبدد محاولاته يقول بعد أن سألناه عن أمنياته حين خروجه من السجن قريبا إن شاء الله: لم يعد يابني أتمنى أمنية فالعمر مقصوف والحياة بالنسبة لي بعد هذا العمر الطويل لم تعد كما يرجوها ويتمناه غيري من هو خارج أسوار السجن، أنا أنتظر لحظة القصاص وفراغ روحي وصعودها إلى بارئها مع بزوغ كل فجر وشروق أشعة الشمس. سألناه عن السر في عدم مسارعة أقربائه ومحبيه في إشراك أهل الخير والمحسنين أو لجنة إصلاح ذات البين في قضيته فأجاب والآهات تتصاعد من جوفه الضعيف: لم نترك مجالا إلا وطرقناه تابعنا وبحثنا استعد الجميع بالدفع والتضحية لكن كل المحاولات تصطدم بتعنت الخصم وعدم رغبتهم في عتق رقبتي وكسب رضا البرية وسعي المحسنين. قاطعنا حديثه وسألناه عن إمكانية تلبية طلب افتراضي من خصمه( ترك الممتلكات ومغادرة الديار) فأجاب والابتسامة تعلو شفاهه لأول مرة: ولو أرض عين الشمس.. لا.. لأتصور ذلك نهاية التزوير المؤلمة ثالث القصص هي لشاب في مقتبل العمر ترك عمله العسكري بعد 9 سنوات لأسباب نفسية كما يقول عاد إلى مسقط رأسه (مكة) عاطلا تزوج ولم تستمر حياته الزوجية سوى عام واحد، حاول أن يتغلب على حياته فعمل في سوق الخضار فقبض عليه مزورا محكوما عليه ب (7) سنوات. الشاب ( م - م ) "34" سنة يحمل شهادة الكفاءة، تفوح من فيه بقايا الضياع يبادرنا قبل الحديث معه بإصرار كبير أنه لم يرتكب جرمًا يكرر الإيمان حلفًا بأنه مظلوم، قاطعنا كلامه ووجهنا له سؤالًا عن حاله قبل القبض وعن وظيفته، فتوقف قليلا وكأنه لا يريد الحديث عن هذا الأمر ثم بدأ يقول: حصلت على وظيفة عسكرية بالحدود الشمالية ثم مالبثت طويلا حتى غادرتها لأسباب نفسية وأمراض عصبية، مؤكدا حمله لتقارير طبية من مستشفيات حكومية كبرى في المملكة، . مضيفا: وكنت وقتها قد وفقت في الزواج من ابنة الجيران لكن خروجي من وظيفتي ومرضي لم يرق لزوجتي فطلبت الطلاق، وكانت في تلك الأيام قد توفي والدي فلم يبق لي سوى والدتي الحنون الصابرة الزائرة لي كل يوم ولحظة ترى فيها فرصة لرؤيتي وإخوتي الذين هجروني دون رجعة جفاء وإنكارا لرابطة الأخوة. ثم يقف متأملا وبعبارات الحسرة يواصل: وضعي وأسرتي المادي كان سيئا بعد فصلي من وظيفتي خاصة أننا أكبر إخوتي والمعيل الوحيد لهم لم أجد عملا نقتات به سوى حلقة الخضار فعملت بها فترة طويلا أصرت في تلك والدتي على تزويجي من فتاة أخرى رغبة منها أن ترى لابنها أبناء وأحفادا يعينون ابنها الكبير على ظروف المعيشة وشظف الحياة. يتوقف نادبا حظه تارة ومصبرا نفسه تارة أخرى وكأن خلف القضية ابتلاء آخر لم يفصح عنه لكن الزواج لم يدم هو الآخر أكثر من عام وعدت كما كنت ظروف صعبة وأمراض أكبر صعوبة، واصلت عملي قاطعا كل الظروف المحيطة في حلقة الخضار. وعن حيثيات قضية القبض عليه قال: هي قضية التزوير والتزوير وحده وقد مرت بمرحلتين المرحلة الأولى كشفت عن طريق البقال الذي أعرفه جيدا بعد أن تعرضت للغش والخداع من أحد الزبائن المترددين علي بسبب الزحام وكثرة المشاغل فوقعت بيدي تلك العملة التي هي عبارة عن فئة (500) ريال سعودي، وفي ذات يوم لظروفي الصعبة احتجت للمال فذهبت لصرفها. يحاول أن يخفي السر وراء علمه بتزييف العملة إلا أنه قال: لم أكن أعلم بأن هذه العملة مزيفة فذهبت للبقال بغرض صرفها وشراء بعض المستلزمات فغاب عن البقال قليلا ثم عاد إلي ليحاول الإمساك بي وتكتيفي ثم بلغ مركز الشرطة للقبض علي ومنه إلى هيئة الرقابة والتحقيق ومكثت في السجن 3 أيام لحين الانتهاء من الإجراءات النظامية ثم أطلق سراحي. أما المرحلة الثانية: فكانت عقب هذه الحادثة ب 3 أشهر حيث قام أحد أصدقائي بخداعي بعد أن كان يمرر خداعه لي مرات عديدة دون علمي وبلغ عني وفي طريقي لعملي المعتاد في الحلقة قبض على أفراد البحث وقادوني لقسم الشرطة وكنت أتوقع أن الأمر عبارة عن إكمال الإجراءات القضية السابقة إلا أنهم فاجأوني بسؤالي عن معرفتي بصديقي الذي وجدته أمامي في القسم وهو يؤكد كذبا لهم أن المال المزيف كان قد أخذه مني بعلمي وأنكرت ذلك فتداولت القضية من هيئة الرقابة وإلى ديوان المظالم بجدة ثم تصدر الحكم القضائي علي بتلك السنوات السبع، على الرغم من اعتراضي على الحكم إلا أن السابقة الأولى تسببت بهذا الحكم الجائر، والحمد لله على كل حال. --------------------- رجال الأعمال بين مؤيد ومعارض لتوظيف خريجي السجون تباينت رؤية أصحاب المؤسسات والمنشآت التجارية والأعمال الحرة تجاه المفرج عنه بعد انقضاء الحكم القضائي ومدة العقوبة في السجن ما بين قبوله في أعمالهم ومشاريعهم التجارية وما بين رفضهم الدائم والمؤقت، حيث قال رجل الأعمال الدكتور وليد بن يوسف: إنه لا مانع لدي إطلاقا من قبول السجين في أحد مشاريعي التجارية متى ما طلب مني ذلك مساعدة له لقهر ظلم المجتمع له ونظرتهم الدونية له ولقضاء ما يحتاجه من أمور معيشته سواء أكان ذلك السجين المفرج عنه ارتكب جريمة كبرى أو جرما صغيرًا لأن السجن وقضبانه ودهاليزه قد أدبته وأفلحت في ذلك إلا ماندر، وهذا كفيل بمعاقبته حسيا ومعنويا. من جانبه رفض علي القرني (مستثمر عقاري) قبول المفرج عنه في أعماله مهما كانت الظروف والأحوال، معتبرًا خريج السجين لايزال خطيرًا ويحتاج إلى وقت طويلًا لإعلان استقامة حاله وإثبات براءته من خلال ممارسته لأعماله ومحافظته على الشعائر الدينية والأخلاق الإسلامية، وقد يكون أقرب الناس في معرفة تلك الاستقامة في ظاهرها أئمة المساجد والمصلون وجيران السجين للحكم على استقامته وحسن معاملته وتعامله. من جهتهما وافق كل من رجلي الأعمال ناصر بن مسفر الفيان وسالم بن حمود على إشراك المفرج عنه في ما يتعلق بالأعمال التجارية وفتح أبواب العمل الحر له متى ما قدم ما يثبت براءته ويدعم سلوكه القويم سواء قد ارتكب ما يخل بشرفه أو دفاعا عن قيمه وأخلاقه، معللين ذلك بالرأفة والرحمة الإنسانية بهؤلاء الأشخاص الذين هم نسيج من المجتمع ويكفي ما يعانيه نفسيا من الناس من نبذ وقهر ورفض. وأضاف الفيان وحمود علي وجوب إيجاد فرص عمل للمفرج عنهم بكافة السبل والوسائل، مطالبين وزارة العمل وغيرها من الجهات الحكومية وكذلك المؤسسات الأهلية بإتاحة مجالات عديدة للمفرج عنهم خاصة من كانت ظروفه صعبة حتى لا يجرّه ذلك لمعاقبة المجتمع وارتكاب جرم أكبر مما اقترفه. --------------------- الصحة النفسية : إشعارهم بالطمأنينة أولى خطوات الإصلاح قال رئيس قسم الصحة النفسية بمستشفى حراء د. رجب بريسالي انه لكي يعود هؤلاء الأفراد إلى الحياة الطبيعية مرة ثانية لابد من شعورهم بالطمأنينة وزرع الثقة المتبادلة في قلوبهم ولا مانع من وضعهم تحت الملاحظة لمدة معينة. ويجب أن يحصل كل مذنب حسن السير والسلوك على تقرير سلوكي يتضمن توصية من الجهة المعنية بأمره تساعده على إيجاد فرصة عمل سريعة وشريفة. وأكد على وجوب أن يبدأ التأهيل النفسي فور دخول المذنب السجن خاصة وأن كل سجن به العديد من الأخصائيين النفسيين.. إلا أن هؤلاء الأخصائيين تضاءل دورهم بدرجة كبيرة، حيث أصبحوا يقومون بأعمال سهلة بعيدة تماما عن العلاج النفسي. ورأى أن تقديم رعاية نفسية متكاملة للسجين لابد أن تقوم على تقييم السجناء من الناحية النفسية . --------------------- دعوة لإنشاء مكاتب اجتماعية في لجان رعاية أسر السجناء طالب مدير الإصلاح والمستشار الأسري بمشروع بن باز الخيري بالرياض فهد محمد اليابس بضرورة فتح مكاتب للخدمة الاجتماعية في لجان رعاية السجناء يعمل بها اخصائيون اجتماعيون وفق أسس مهنية وعلمية، وتقوم بدورها بكل أمانة ورعاية، تتعرف من خلالها على الصعوبات التي تتعرض لها أسرة السجين، وتحاول مساعدتها في تجاوزها، وخاصة أن أسرة السجين تواجه أحيانا عدم الاهتمام من المحيطين بها مما يجعلها عرضة بصورة أكبر للانحراف وهذه مصيبة كبرى وتضخم المشكلة. وقال: تبرز أهمية وجود أقسام للخدمة الاجتماعية سواء داخل السجن أو حتى خارجه عبر لجان رعاية السجناء وذلك نظرا لما تتعرض له الأسرة من تزعزع وتخلخل في استقرارها النفسي والاجتماعي والاقتصادي نظرا لغياب رب الأسرة عنها وبالتالي فبدلا من أن يكون لدينا مشكلة سجين واحد يصبح لدينا مشكلة أسرة كاملة سواء للمراهقين أو الأطفال أو حتى الزوجة ذاتها. --------------------- مواطنون: نرأف بحال السجين ونتعامل معه بحذر أجمع عدد من المواطنين على وجوب انتشال السجين بعد خروجه من السجن من حالته النفسية وضرورة تفاهم المجتمع لحالته إلا أنهم أكدوا على عدم خوض تجربة التعمق في التواصل معه اجتماعيا كونه خريج سجون خصوصا أصحاب السوابق وما يتعلق بالشرف والأخلاق. فقال جمعان عبدالله: السجن مدرسة ولم يصل إليه شخص إلا وقد ارتكب جرمًا استحق عليه العقاب وقل من يكون قد أودع السجن ظلما، ومن هنا فنظرتي للسجين أنه قد أخطأ ولكن هذا الخطأ يختلف من شخص لآخر. من جهته أبان عادل كباوي أن النظرة الاجتماعية للسجين بعد خروجه سوف تستمر حتى يغير حاله ويعلن استقامته وذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بالواقع وممارسة السلوك الحسن فمتى أعلنت سلوكياته استقامته وحسن مخبره ولطافة طباعه فلاشك أن المجتمع سيغير نظرته على الأقل من حوله من أهله وأصدقائه وسوف يتقبله بل وسيسعى إلى طلب وده ويتقرب إليه الناس متى لاحظوا ذلك التغير. وقال فواز السلمي: على السجين المعاقب أن يتحمل قساوة مجتمعه المحيط به ونظرته الدونية له، فهو أخطأ وعليه الصبر بعد خروجه للتغلب على ما يعترضه اجتماعيا من رفضه حين القدوم على عمل ما أو الزواج أو غير ذلك من الحياة المعيشية المطلوبة. ورأى عمر القرشي أنه يميل مع معاقبة خريج السجون اجتماعيا ولو فترة معينة ليحس بما ارتكبه من جرم كبيرا كان أم صغيرا، لأن انفلات الأمر الاجتماعي في هذا الجانب من تقبله سريعا قد يعود بنتائج سلبية لاتحمد عقباها أبدا. فيما أكّد خالد الدوسي (تربوي) على أهمية العناية بالسجناء وأسرهم وفيما يتعلق بجانب عمله التعليمي والتربوي أشار الدوسي: أن سمو وزير التربية والتعليم يقوم بتوجيه التربويين كل عام بالعمل على تنفيذ أسبوع توعوي من خلال تخصيص جزء من الحصة الدراسية للتعريف بأعمال ونشاطات اللجنة الوطنية لرعاية السجناء. --------------------- قروض مالية تصل إلى 200 ألف ريال لدعم السجناء قال مدير معهد ريادة الوطني إبراهيم الغامدي: إنه تم عقد عدة اجتماعات مع المسؤولين في سجون العاصمة المقدسة للتعريف ببرنامج (حدد فكرة مشروعك) والذي يستهدف السجناء لإقامة مشاريع تجارية يدعمها البنك السعودي للتسليف والادخار، مشيرًا إلى أن المعهد يعامل السجناء معاملة الشباب العاديين من حيث دعمهم بقروض مالية تصل إلى (200) الف ريال لافتتاح منشآت صغيرة تعينهم على مواجهة أعباء الحياة بعد انقضاء المحكومية. وأضاف: إنه يتعين على السجين أن يتعرف على الجوانب الإدارية والمالية لأي مشروع تجاري قبل الموافقة على دعمه مشيرًا إلى أن المعهد يعتزم إقامة دورات في المحاسبة والتسويق للسجناء الذين تبقت على محكوميتهم شهر أو شهرين. وأبان أن المعهد ينتظر الموافقة من قبل إدارة السجون للبدء في تنفيذ برامج توعية السجناء بأهمية المشاريع التجارية الصغيرة ودورها في إيجاد مصادر دخل ثابتة لهم تعينهم على مواجهة أعباء الحياة وتأمين متطلبات أسرهم مشيرًا إلى أن القطاع الخاص لايزال مقصرًا فيما يتعلق بمشروع (حاضنات الأعمال) والتي تتيح للشاب التدرب في المنشأة التجارية ومن ثم الحصول على فرصة عمل بعد انتهاء فترة التدريب. --------------------- كسناوي: النظرة المتدنية للسجين يجب تغييرها في المجتمع قال أستاذ علم الاجتماع التربوي بجامعة أم القرى الدكتور محمود محمد كسناوي: إن هناك اختلافًا في رؤية المجتمع للسجين بعد انقضاء مدة محكوميته القضائية، مشيرًا إلى أن الرؤية الاجتماعية للسجين في مجتمعنا متدنية خاصة إذا كانت جريمته كبيرة وله سوابق. وقال: إن هناك عدة وسائل وأساليب لدمجه منها: قيام إدارت السجون وأقسام الشرطة بتكريم السجين بعد خروجه وإعطائه جائزة مالية وشهادة معنوية توضح بأنه تاب وتعهّد على نفسه بعدم العودة إلى جرمه وهذا الاحتفاء يرفع من معنويات السجين ويجعله يؤنب ضميره باعتبار أن المجتمع الذي أخطأ في حقه بالجريمة يقوم بتكريمه والتسامح معه، وأيضًا على المجتمع أن يسعى لمساعدته ليكون إنسانًًًًًًا يستطيع إعادة بناء حياته الاقتصادية، مع توفير فرص عمل وظيفية وعدم مطالبته بشهادة خلو من السوابق حتى لا يتعقد وتخلي الوظائف المدنية عن هذا الشرط، مع إتاحة الفرصة للشباب الذين في سن التعليم لمواصلة التعليم الجامعي ومساعدة من يريد الزواج بالقروض الميسرة للزواج لبناء عائلة مثل الآخرين.