يعاني التائبون من المخدرات من مشكلة عدم تقبل أسرهم والمجتمع لهم فيخرجون من مأزق الإدمان إلى سجن الحياة الرحب، ما يجبرهم على العودة لرفقاء السوء وجلسات المخدرات من جديد. يروي التائب محمد (30 عاما) قصته بعد التعافي من المخدرات «مصبيتي جاءت من رفقة السوء؛ علما أنني من أسرة محافظة لم يبخل عليّ والدي بشيء على الإطلاق لكن أصدقائي لا يطيقون رؤية شخص مستقيم، دفعوني لتناول الحبوب المنشطة بحجة أنها تساعد على الاستذكار حتى أدمنها» ويضيف: تشبع جسدي بها واعتادها، لم يعد يتأثر بها كثيرا فتحولت إلى الحشيش، وكانت هذه بداية الانهيار حيث هربت بعد فترة من المدرسة، وحاول والدي علاجي في مستشفيات الأمل، ولكن دون فائدة. وأشار محمد إلى أنه بعد فتره وجيزة تم القبض عليه فحكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات، وبعد خروجه وجد رفضا من أسرته والمجتمع المحيط به. ويضيف «لا أدري إلى متى سأصمد، وهل سأعود إلى الإدمان بعد أن أقلعت عن المخدرات إذا تركت وحيدا في هذا الوضع محاصرا». من جهته، أكد صالح أن بعد خروجه من السجن رفضه حضن المجتمع وعامله بقسوة، دوما ما يشير بأصابع الاتهام إليه، يقول صالح «رفض والدي عودتي إلى المنزل فتحولت حياتي إلى جحيم، وأخشى أن أعود لرفقاء السوء فيما لو تخلت عني أسرتي فهناك من ينتظر عودتنا على أحر من الجمر». ويحكي سليمان كيف أنخرط في طريق الهلاك «مشكلتي أنني كنت لا أجد من أبثه همومي وأحزاني، وفي النهاية صنعت مني قسوة زوج والدتي مجرما لا يشغله سوى الانتقام والإحساس بالمرارة». ويضيف «حاولت الهرب من واقعي فوقعت في المخدرات وكانت نهايتي السجن، وبعد سنوات السجن رجعت للطريق الصحيح والسلوك الحسن، ورغم توقفي عن تعاطي المخدرات ورغبتي القوية في التوبة والاستقامة، فإنني ما زلت أشعر بالضياع والانهيار فالظروف لا تساعدني». ويشعر المدمن بالضياع بعد التوبة والتعافي يقول أحمد «أشعر بالضياع بعد خروجي من المستشفى، فأنا عاطل بلا عمل وليس لدي من يوجهني ويساعدني، بل على العكس تماما، تعرفت في المستشفى إلى أصدقاء سوء يستخدمون أنواعا أشد من المخدرات التي استخدمها، وبعد خروجي اصطادوني وأنا في قمة شعوري بالوحدة والضياع فدعوني لنسيان الهموم، وبالفعل كنت مهيأ نفسيا فاستجبت». ويقترح أحمد «بعد هذه التجربة اقترح أن يكون هناك تصنيف في مستشفيات علاج الإدمان حسب نوع المخدر والأعمار كي لا تتسع المشكلة بهذا الشكل». من جهته، أكد الاختصاصي النفسي ومدير إدارة الإعلام والتوعية الصحية في مستشفى الأمل الدكتور سليمان الزايدي أن خسائر الشخص المتعافي من الإدمان قد تكون فادحة وكبيرة ومعاناته ربما لا يتصورها عقل، حيث إنه شخص خسر أسرته ومجتمعه وعمله، وفي بعض الأحيان حتى بطاقة هويته، عدا عن فقدانه لاحترام الذات واحترام الآخر له؛ أي أن هذا الشخص بحاجة إلى أن يبدأ حياته وكأنه مولود جديد وما بين تقبله لنفسه وتقبل الأسرة والمجتمع له تكمن المعاناة.