لقد جاء فتح مدينة الرياض على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله إيذانا ببدء أعمال بطولية مضنية اضطلع بها الراحل العظيم وذلك لاستعادة ملك آبائه وأجداده فكان فتحا مبينا ونصرا مؤزرا له ما بعده على درب التأسيس لأول وحدة في جزيرة العرب حيث قامت الدولة السعودية الحديثة على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وما أثر عن السلف الصالح. ومن هذا المنطلق الذي يرتكز على قاعدتي العلم والإيمان واصل جلالة الملك عبد العزيز الكفاح واضعا نصب عينيه المضي قدما بكل قوة واقتدار للتمكين للأمن لأن المواطن حينئذ لا يأمن على نفسه وماله وعرضه بسبب حالة الانقسام والتشرذم الذي كان سائدا والمتمثل في الصراعات القبلية من اقتتال لأتفه الأسباب وما ينجم عنها من نهب وسلم وعدم استقرار. لذلك استهل رحمه الله جهوده الخيرة بفرض هيبة الدولة عن طريق تطبيق مقتضى أحكام العقيدة الإسلامية السمحة تطبيقا محكما وبدون إفراط أو تفريط.. فكانت المحصلة أن ساد العدل فزكت النفوس وسمت وبعدت عن الشحناء والبغضاء.. وأخذت بالأسباب في ظل الاستقرار والأمن الوارف.. فتقهقر الجهل والفقر والمرض وذلك بفضل الباري تبارك وتعالى ثم بفضل ما أقدم عليه الملك عبد العزيز من مخططات إصلاحية ومناشط دعوية للارتقاء بالحالة الاجتماعية من خلال التوجه لمتطلبات محو الأمية وبناء دور العلم والمستشفيات وإنشاء الدوائر الحكومية وفتح باب التوظيف وحفز القطاع الأهلي فانتعشت الحياة. ويأتي في مقدمة ذلك المشروعات الإصلاحية العظيمة المتمثلة في تأمين طرق الحج وإلغاء الرسوم والعناية بالحرمين الشريفين وتعهدهما بالتوسعات المتتابعة وتطوير الخدمات في المشاعر المقدسة وتعزيز متطلبات الأمن والسلامة من حيث النقل والإسكان وغير ذلك من الأمور الحيوية. كما عزز تلك الجهود المباركة استخراج النفط وتسويقه واستثمار عائداته لمصلحة الوطن والمواطن الذي يستشرف آفاق المستقبل بروحية وثابة فبدأت عجلة التنمية انطلاقتها على أرض صلبة بما يعني أن البلاد قد وضعت أولى خطواتها في الاتجاه القويم، وعند هذه المرحلة التي اتسمت بالتفاؤل لمستقبل واعد استجاب الملك عبد العزيز لنداء ربه فسلم الروح لبارئها راضيا مرضيا وقد أوفى بما عاهد الله عليه.. فورث ملكا راسخ الأركان وفي تضاعيفه كل مقومات قوته وانتظامه.. حيث خلفه أصحاب الجلالة الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمهم الله جميعا.. كذلك مما يدعو للاطمئنان أن تلك العهود النيرة يكمل بعضها بعضا رغم أن كل عهد له شكله وعطاءاته ونتاجاته المميزة التي يختص بها.. وهذا ما نلحظه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الذين أضافوا أبعادا جديدة مواكبة للتقدم العالمي مع المحافظة على الثوابت، فعظم دور المملكة العربية السعودية عربيا وإسلاميا ودوليا فأصبحت إسهاماتها أكثر بروزا وتأثيرا وتأثرا في موازين القوى للتمكين للأمن وللاستقرار العالمي لمصلحة الإنسانية جمعاء. * وزير الحج