.. العفو من شيم الكرام وقد جاء في كتاب الله الكريم: «يسألونك ماذا ينفقون قل العفو» ، كما يقول عز من قائل: «ومن عفا وأصلح فأجره على الله»، ويقول سبحانه وتعالى بسورة النور: «ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم». ويقول عز من قائل بسورة فصلت: «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم». وعن الحسن البصري رحمه الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينادي مناد يوم القيامة من كانت له عند الله يد فليقم ، فلا يقوم إلا من عفا». ولعل في قصة عبد الله بن الزبير ومعاوية رضي الله عنهما وكيف كان لتسامح معاوية أثر في نفس عبد الله بن الزبير الذي سافر فور قراءته الرسالة إلى معاوية ما يؤكد ذلك المعنى، إذ تقول الرواية التي يقول نصها: كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مزرعة في المدينة مجاورة لمزرعة يملكها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وفي ذات يوم دخل عمال مزرعة معاوية إلى مزرعة ابن الزبير، فغضب ابن الزبير وكتب لمعاوية في دمشق، وقد كان بينهما عداوة: من عبد الله بن الزبير إلى معاوية (ابن هند آكلة الأكباد) أما بعد: فإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي فمرهم بالخروج منها، أو فوالذي لا إله إلا هو ليكونن لي معك شأن، فوصلت الرسالة لمعاوية الذي كان من أحلم الناس فقرأها، ثم قال لابنه يزيد: ما رأيك في ابن الزبير أرسل لي يهددني؟ فقال له ابنه يزيد: أرسل له جيشا أوله عنده وآخره عندك يأتيك برأسه. فقال معاوية: بل خير من ذلك زكاة وأقرب رحما، فكتب رسالة إلى عبد الله بن الزبير يقول فيها: من معاوية بن أبي سفيان إلى عبد الله بن الزبير (ابن أسماء ذات النطاقين) أما بعد: فوالله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليك.. ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك.. فإذا وصلك كتابي هذا فخذ مزرعتي إلى مزرعتك وعمالي إلى عمالك. فإن جنة الله عرضها السماوات والأرض.. فلما قرأ ابن الزبير الرسالة بكى حتى بلها بالدموع وسافر إلى معاوية في دمشق وقبل رأسه وقال له: لا أعدمك الله حلما أحلك في قريش هذا المحل، فالحلم سيد صفات الرجال.. به يسود المرء.. وبه ينال خيري الدنيا والآخرة. ولم أر رجلا جانبه الحلم إلا طغت على قراراته العجلة والانفعال والخطأ. وهكذا استطاع معاوية بالحلم الذي هو سيد الأخلاق أن يتقرب من النفوس، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للأشج بن قيس رضي الله عنه: «إن فيك خصلتين يحبهما الله تعالى: الحلم والإناة» رواه مسلم. فاللهم أمنن علينا بما يحببنا إليك ويقربنا من حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليسقينا من حوضه الشريف شربة لا ظمأ بعدها يوم لا ينفع مال ولا بنون. [email protected] فاكس: 6671094 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة