يعيش الناس في شهر رمضان حياتهم بشكل طبيعي ويستعدون لتجهيزات العيد، في نفس الوقت الذي يعيش فيه آخرون حياتهم في معاناة مستمرة، وصراع لايتوقف ضد مرض الفشل الكلوي، هذا المرض الذي يرافقهم مدى حياتهم متنقلين بين المستشفيات ومراكز الغسل الدموي. «عكاظ» زارت قسم الفشل الكلوي في مستشفى الملك فهد في جدة، والتقت عددا من المرضى وتلمست آلامهم ومعاناتهم بضعة ساعات محاولة التعايش معهم والإحساس بمعاناتهم المستمرة مع «غسل الدم»، هو الأمر الذي يستدعي وقفة توعوية للمجتمع كافة حتى نفقه كيفية التعامل مع المرض في بداياته للحيلولة دون استفحاله. قصة مؤلمة تهاني خالد، مريضة بالفشل الكلوي، كانت ترقد على السرير الأبيض تتعايش مع الأنابيب المستخدمة في عملية الغسل الدموي من جسدها، روت لنا قصتها مع المرض» أصبت بالفشل الكلوي عندما كان عمري 19عاما، ولم أكن أعلم حينها إلى أين أتجه، خاصة أن والدي منفصلين، وكنت أعيش عند جدتي، وكان الجهل يسود أسرتي عندما أخبرتهم بما أشعر به من أعراض، فأنكروا الموضوع وتجاهلوا مرضي إلى أن حدث ذات يوم وفقدت وعيي، ونقلت إلى المستشفى فقد كانت حالتي الصحية سيئة للغاية و في وضع لا أحسد عليه، ومن ثم بدأت بعمليات غسل الكلى، في المستشفى عثرت على وضع أفضل من المنزل بسبب مشاعر الألفة والمحبة والعطف المنتشرة هناك، تلك المشاعر التي لم أجدها خارجه، وجدت من يمسح دمعتي عندما أبكي، ومن يؤنسني عند وحدتي، فقد كان الطاقم الطبي ككل كالأهل، ولكن صحتي تدهورت مرة أخرى لعدم تمكني من الذهاب في مواعيد الغسل باستمرار بعد أن سارت إلى تحسن، إلى أن فقدت وعيي ولم أجد نفسي إلا في المستشفى، وقتها توقعت بأن النهاية قد قربت، ولكن بعد النظر لحالتي ووضعي خضعت لعملية زرع كلية من متبرع. صراع مع الحياة عليا رجا الله المطيري (42 عاما) قالت إنها عانت من الفشل الكلوي خمس سنوات، وهي أم لثمانية أبناء منهم أربعة بكم لا يتكلمون وزوجها متقاعد لايتجاوز راتبه 2000 ريال، وبطبيعة الحال فإن هذا الراتب لا يكفي مستلزمات أسرتها، وبما أنها غير قادرة على العمل بسبب مرضها فإن الأعباء تتزايد يوما بعد آخر مع مرضها واحتياجات أبنائها الخاصة «ولكنني أشعر بأن هذا المرض هو ابتلاء من رب العالمين حتى أصبر وأحتسب الثواب، فأنا أصوم قدر استطاعتي وأحيانا يصادف موعد الغسل الدموي يوم العيد، فأقضيه داخل المستشفى». قوة الإيمان أما خديجة عمر (35 عاما) متزوجة ولديها أربعة أبناء تقول: بدايتي مع المرض كانت منذ سبع سنوات، وأعتقد بأن هذا المرض ساعد على تقوية إيماني بالله وأعطاني عزيمة أكبر لمقاومته والتغلب عليه، وفي رمضان يبادر المسؤولون بتزيين مدخل المستشفى بزينة رمضان ويوزعون علينا الأرزاق و المعونات العينية والمادية، مما يدخل الفرحة في قلوبنا في هذا الشهر، ويجعلنا نشعر بالاختلاف عن باقي شهور السنة، وما أتمناه من الله في العيد أن يحصل ولدي وزوجي على وظيفة، وذلك لظروفنا المادية الصعبة. التعايش مع المرض عائشة محمد (26 عاما) متزوجة ولها ابن واحد، أصيبت بمرض الفشل الكلوي منذ حوالي سبع سنوات «أحاول قدر المستطاع أن أمارس حياتي بشكل طبيعي، فلا يوجد لدي خادمة وأعمل على متطلبات منزلي كأي ربة منزل أخرى، وبالنسبة لرمضان في المستشفى فإننا نصوم في الأيام التي لا يوجد فيها غسل للدم، وفي العيد سوف أؤدي صلاة العيد، ثم زيارة أهلي وأحبابي، ومن ثم أعود للمستشفى لجلسة الغسل كالعادة». معاناة منذ الطفولة ولكن معاناة ناصر (20 عاما) مع المرض مختلفة عن الآخرين، ذلك لأنه ولد بعيب خلقي في المثانة أدى إلى إصابته بالفشل الكلوي قبل سن البلوغ، مما نجم عنه توقف في نموه الجسماني، إضافة لإصابته بالتهاب الكبد الوبائي، يقول ناصر: أقرأ القرآن وأواضب على الصلاة في المسجد في رمضان وأتمنى في العيد أن يفرج الله كربي ويشفيني. أما محمد الخبراني (60 عاما) فهو متزوج ويعول تسعة أبناء، يعيش في صراع مع الفشل الكلوي منذ قرابة خمس سنوات «أنا راض بقضاء الله وقدره، وأشعر كل يوم بامتحان الله لي من خلال هذا المرض، ولا يسعني سوى الصبر والاحتساب». أحمد داوود (37 عاما) يتحدث عن قصته مع المرض: يرافقني هذا المرض منذ 22 عاما، واحتملته كل هذه السنوات، ولكنه على مايبدو بدأ يؤثر علي سلبا في الأيام الأخيرة، فأصبحت أتعب أكثر من السابق ولم أعد أستطيع الصلاة قائما، أما بالنسبة للصيام ففيه مشقة وتعب علي هذا العام على اختلاف الأعوام الماضية، والحمد لله أنا متزوج ولدي أربع بنات، أما بالنسبة للعيد في المستشفى فإنهم يوزعون علينا باقات الورود والحلويات ونتلقى التهاني بالعيد من الطاقم الطبي الذين يحاولون التخفيف من آلامنا.