يتنقلون بين المستشفيات والمراكز الطبية، لإجراء عمليات غسل كلوي لتنقية دمائهم من الشوائب، يخضع بعضهم لعملية غسل ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع، معاناتهم طويلة وصراعهم مع المرض يتجدد مع كل إشراقة صباح جديد، إنهم مرضى الفشل الكلوي الذين يخوضون صراعا مستمرا مع الغسل الدموي مدى الحياة. «عكاظ» زارت مركز وحدة الكلى في مستشفى الملك فهد في جدة والتقت عددا من المرضى الذين كانوا ينتظرون دورهم لإجراء الغسل المعتاد وكانت هذه بعض القصص على لسانهم. في البداية بين أحمد يحيى الجدعاني (42 عاما، متزوج ولديه ولد واحد ومريض بالفشل الكلوي) أن معاناته مع المرض بدأت منذ سبعة أشهر، وبعد الفحوصات اللازمة كان رد الطبيب بإصابتي بالفشل الكلوي. وتابع الجدعاني قائلا: «كنت موظفا في إحدى الشركات وبعد المرض تمت إحالتي للتقاعد المبكر، وحاليا أخضع لعملية غسل ثلاث مرات أسبوعيا. وحول صيام شهر رمضان، قال: بالنسبة لي أصوم رمضان دون مشكلات، ولكن في بعض الحالات فإن مريض الفشل الكلوي يمكنه الإفطار ولديه عذر شرعي في ذلك. صراع مع الحياة في زاوية غير بعيدة من المركز كان أحمد سعيد الزهراني (40 عاما) ينتظر هو الآخر دوره لإجراء الغسل، حيث أوضح أنه أصيب بالفشل الكلوي منذ ستة أعوام وهو متزوج وليس لديه أولاد، مشيرا إلى أنه لا ينقطع عن الصيام في شهر رمضان مستطردا: أحيانا يكون موعد الغسل الدموي في نهار رمضان فتجدني أقضي النهار كاملا داخل المستشفى. ومن داخل وحدة الكلى حيث يرقد طلال عبد الله (50 عاما) على السرير الأبيض وكان وقتها يجري عملية غسل دموي، وبصوت منهك ذكر طلال أنه أصيب بمرض الفشل الكلوي قبل ستة أعوام وهو متزوج ولديه سبعة أبناء وأضاف: أنهكني المرض وأبطأ كثيرا من حركتي، وقال: «زوجتي هي من ترعاني وتقف معي في مرضي وهي تجلس بجانبي في المستشفى»، واختتم بالقول: «نحن المرضى نفتقد روحانية هذا الشهر لأننا ملازمون للسرير الأبيض ثلاث مرات في الأسبوع للخضوع للغسل الدموي». مشقة الصيام وهنا ذكر محمد القرني (60 عاما) أنه يعول أسرة مكونة من 21 فردا، ويعيش في صراع مع الفشل الكلوي منذ قرابة سبعة أعوام، وأضاف: رافقني المرض خلال السنوات الماضية، ولكنه على ما يبدو بدأ يؤثر علي سلبا في الأيام الأخيرة، فأصبحت أتعب أكثر من السابق ولم أعد أستطيع حتى الصلاة قائما، وزاد: «مرضى الفشل الكلوي مرتبطون بموعد غسيل تصل إلى أربع مرات في الأسبوع.. وبعضنا يجد في الصيام مشقة وتعبا». القضاء على الملل ويسير علي أحمد (60عاما) على كرسي متحرك من شدة المرض، ومصاب منذ ثلاثين عاما بالضغط والسكر ولذلك تعرض إلى فشل كلوي، وبين أحمد أنه يشعر في رمضان ببعض الملل، ولكنه يحاول استغلال الوقت بقراءة القرآن والصحف اليومية وأحيانا في تبادل الحديث مع المرضى الآخرين. الاهتمام بالمرضى إلى ذلك، أوضحت الأخصائية الاجتماعية ومشرفة التدريب منى إبراهيم بنقش أن وحدة الغسل الكلوي في مستشفى الملك فهد تعمل على مدار 24 ساعة في خدمة مرضى الفشل الكلوي، وأضافت: نعمل في المركز على تقديم كافة الخدمات لمرضى الفشل الكلوي، وأيضا تثقيف المرضى والمراجعين بأهمية التبرع بالأعضاء خاصة الشباب وتوعية الآباء والأمهات. وبينت مشرفة التدريب منى بنقش أن أكثر الفئات تعرضا للإصابة بأمراض الكلى هم أولئك الذين يعانون من ارتفاع دائم في ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم وأصحاب الأوزان الزائدة، إضافة إلى المدخنين، ونصحت بالإكثار من شرب السوائل خصوصا للذين يبذلون مجهودا كبيرا خلال العمل اليومي والمحافظة على الوزن والابتعاد عن المشروبات الكحولية.. وقال: خلال شهر رمضان نتعايش مع المرضى وذويهم اجتماعيا، وأيضا دراسة الحالة الاقتصادية لكل مريض وتقديم المساعدة لهم في هذا الشهر المبارك، ونجد في هذا الجانب تجاوبا مقدرا من أهل الخير الذين يتفهمون معاناة المرضى فيقدمون المساعدات الغذائية التي تتوزع على كل المرضى أثناء غسلهم الدموي، إضافة إلى تقديم المساعدة في تسديد فواتير الكهرباء وتوزيع الهدايا عليهم وعلى أطفالهم.