من منا لا يحمل بطاقة أحوال أو جواز سفر أو دفتر إقامة؟ ومن منا لا يحتفظ بالنقود ويحرص عليها كحرصه على الحياة. ومن منا لم يقف يوما لالتقاط صورة شمسية؟ نحن نعيش في زمن الصورة، وقد أقيمت كثير من الدراسات الثقافية تحت مفهوم (زمن الصورة) كاستدلال لحضورها وتأثيرها ونهوضها كأداة تواصلية يفوق أثرها أثر الكلمة. وماحدث من قبل الإدارة العامة للأوقاف والمساجد في جدة ومنعها توزيع منشورات التوعية بمرض انفلونزا الخنازير بحجة وجود محظور شرعي يتمثل في وجود صور لذوات الأرواح في تلك المنشورات، حيث يرى مسئولي إدارة المساجد أن مثل هذه الصور يحرم الشرع دخولها المنازل فمن باب أولى منعها من دخول بيوت الله. ولو قمنا بتفتيش جيوب هؤلاء المسئولين فسجد في جيوبهم بطاقات رسمية تحمل صورهم، وسنجد في جيوبهم نقودا، ونجد جوالات، فلماذا لم يحرموا على نفسهم دخول المسجد وجيوبهم تضج بصور ذوات الأرواح؟ وقضية منع توزيع منشورات التوعية بمرض الخنازير داخل المساجد بهذه الحجة يثير عشرات الأسئلة خاصة وأن مدير الأوقاف في جدة يرى أنه يمكن تلافي هذا الأمر بتوزيع المنشورات خارج المسجد بعد الانتهاء من الصلاة، وهذا يعني أن صور ذات الأرواح حلال خارج المسجد وحرام داخل المسجد.. وهذا هو التناقض ويضاف إليه جملة تناقضات مهولة نسير بها في حياتنا. وهنا لابد من التحرك الفقهي لحل جل هذه التناقضات، فنحن نشاهد صور كبار العلماء منشورة في جميع وسائل الإعلام، ونرى يافتات الدعاية لكبار مشايخ البلد ولبرامجهم التلفازية (إذا أهملنا صورهم المبثوثة عبر التلفاز لوجود تخريج فقهي لهذه المسألة). ولأن حياتنا تضج بالصورة، فأين فقه تحريم صورة ذوات الأرواح من كل هذا، وهل ظهور كثير من علمائنا ومشايخنا عبر الصورة أنهم يقترفون محرما (ومحرما يبالغ البعض بتصنيفه من الكبائر). أم أننا نسكت هنا ونصيح هناك، وإذا كان هذا واقعنا، فهذا يعني أننا نؤمن بنصف الكتاب ونكفر بالنصف الآخر. ولا أشك أن كبار علمائنا لديهم رؤية واضحة لتفنيد هذه القضية، فكما حدث أن نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه عن زيارة القبور ثم أمرهم بزيارتها حدث مع الأدلة التي تساق في تحريم صور ذوات الأرواح لقرب الناس من عهد عبادة الأصنام. وإن لم يكن كذلك أليست هناك فرجة فقهية تقول إن الضرورات تبيح المحضورات، والتوعية من تفشي وباء عالمي كانفلونزا الخنازير ألا تدخل في الضروريات كي تبيح المحظورات. وعلى هامش هذه الحادثة هناك احتقان من قبل الشباب الذين رفضوا توزيع المنشورات داخل المسجد، وهي شارة بضرورة تفقيه الناس فقه الواقع، بدلا من تركهم مستعدين من أجل الاحتراب من أجل أمر فقهي مختلف عليه.. وقبلها لو نظر أي شاب منهم لما في جيبه من ذوات الأرواح لفكر مائة مرة في هذا التناقض. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة