في منطقة الجمالية، وبالتحديد في منطقة النحاسين في شارع المعز لدين الله، يقع واحد من أهم وأعظم الجوامع التي بنيت في العصر الفاطمي؛ إنه (الجامع الأقمر) الذي يحوي الكثير من الأسرار والحكايات العجيبة. وفي هذه السطور نرصد قصة إنشاء هذا الجامع والقصص الكثيرة الخاصة بهذا الأثر العظيم الذي شيد منذ ما يقرب من تسعة قرون. فقصة تشييد ذلك الجامع مرتبطة بتاريخ منشئه، وهو الخليفة (الآمر بأحكام الله) أبو علي المنصور ابن المستعلي بالله. عندما تشاهد الجامع فإن أول ما تراه فيه واجهته الحجرية التي تعتبر أول واجهة حجرية في مساجد مصر، كما أنها أقدم واجهة حجرية باقية في مصر حتى الآن، وبنيت في وقت كان يشيع البناء بالطوب عند الفاطميين، وهى أيضا أجمل واجهة حافلة بالنقوش والكتابات الكوفية من آيات قرآنية ونصوص تاريخية، وتتوسط هذه الواجهة دوائر مكتوب عليها (محمد) مكرر و (علي)، ومنها الدائرة الكبيرة فوق الباب التي دون عليها «بسم الله الرحمن الرحيم، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا». والواجهة مقسمة إلى ثلاثة أقسام؛ الأوسط منها بارز عن سمت الجدار ثلاثة أرباع المتر وطوله سبعة أمتار وفيه مدخل المسجد وكانت تعلوه المئذنة التي بناها (السالمي) في سنة 799 هجرية الموافق 1397 ميلادية. وهدمت في سنة 815 هجرية 1413 ميلادية، والجناح الأوسط في هذه الواجهة يتكون من طاقة صماء مستطيلة متوسطة كما تتوجه طاقة معقودة بعقد مدبب وتحيط بحافتيه الزخارف، وتملأ حشوته أضلاع مشعة حول جامة مستديرة وتلك كانت عادة الفاطميين أن يبنوا كل الحشوات بطريقة مشعة وكأنها نور، وهى ظاهرة هامة حيث إنهم يعتقدون أن المركز كالشمس تخرج منه كل الإشعاعات، وبالتالي فإننا نجد أن واجهة الجامع الأقمر تحتوى على مجموعة من الزخارف الإسلامية المنوعة التي تجعل منها تحفة فنية فريدة في عمارة القاهرة في العصر الفاطمي.