يعد «الجامع الأزهر» أول جامع أنشئ في مدينة القاهرة، كما هو أقدم أثر فاطمي قائم في مصر، و أنشئ في الفترة من 359 361 هجرية الموافق 970 972 ميلادية، أي بعدما فتحت مصر على يد جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين في مصر، الذي قام بتأسيس مدينة القاهرة، وشرع على الفور في إنشاء الجامع الأزهر الذي سمي بذلك تيمنا بفاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. ويعتبر الأزهر هو الجامعة الإسلامية الأولى التي فتحت أبوابها على أوسع نطاق لتعلم الطلاب من كل فج وتقدم لهم كل ما تستطيع من عون ورعاية، كما يقوم الأزهر بإيفاد كثير من خريجيه للخارج للقيام بالدعوة الإسلامية ونشر الثقافة العربية في ربوع العالم الإسلامي، ولم يكن الأزهر معهدا علميا فحسب؛ بل كان مؤسسة حضارية، إذ أنه كان مصدر إشعاع فكري وثقافي ومبعث حضارة مادية وروحية، وقلعة حصينة للعروبة والإسلام، وكان علماؤه الأعلام مثل: الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني والشيخ الشرقاوي، وسعد زغلول وأحمد عرابي رجال فكر وقواد ثورة وزعماء إصلاح، وبهذا استطاعوا أن يحملوا أمانة الرسالة وأن يكونوا ورثة الأنبياء. «الجامع» في شكله الحاضر بناء فسيح يقوم على أرض مساحتها 12000 متر مربع يحيط به سور مربع الشكل تقريبا، وبه ثمانية أبواب، وله خمس مآذن مختلفة الطراز لأنها بنيت في عصور متفاوتة. وكان للأزهر عشرة محاريب أزيل أربعة منها وبقى الآن ستة منها تتفاوت في الجمال والإتقان المعماري. وللأزهر ثلاث قباب أجملها وأكبرها تلك التي تقوم فوق المدرسة الجوهرية، ويزين الجامع الأزهر 380 عمودا من الرخام الجميل، وقد كان وقت إنشائه مؤلفا من صحن مكشوف تكتنفه ثلاثة أروقة أكبرها رواق القبلة الذي يتألف من خمسة صفوف من العقود. ومن المعالم البارزة في عمارة الجامع الأزهر مئذنتين رشيقتين: إحداهما للسلطان قايتباي، وهي على يسار الداخل من الباب الموصل لصحن الجامع الحالي. أما الثانية فهي مئذنة عالية على يمين الداخل من نفس الباب وهي منارة ضخمة تعتبر فريدة بين مآذن العصر، حيث تنتهي المئذنة برأسين بدلا من رأس واحدة وقد بناها السلطان الغوري آخر سلاطين دولة المماليك عام 915ه 1510م.