أعادت قضية خطف طفلين قطريين من ساحة الحرم المكي، أخيرا ملف ضياع الصغارفي الأسواق ومدن الألعاب والمتنزهات وغيرها من الأماكن العامة، في غفلة من الآباء والأمهات وغياب الرقابة الأسرية. وما بين الخطف مشاكل أسرية اجتماعية بين الأب والأم، أو الفقدان وسط زحام الملايين الذين يقصدون بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، يبقى الملف الشائك مشرعا حتى تجد الأجهزة المعنية حلا ناجعا ينهي مثل هذه الحوادث التي تتكررفي مواسم العمرة والحج، وتبدو من وقائعها أن أغلبها يحدث بترتيب متقن يجعل مهمة الأجهزة المعنية بالبحث عن التائهين وإعادتهم إلى ذويهم صعبة، بل مستحيلة أحيانا!. والسؤال الآن: لماذا يستغل أصحاب النوايا السيئة زحام الأماكن العامة وانشغال الحجاج والمعتمرين والزائرين في العبادة لخطف الأطفال؟ وكيف نحمي الأطفال الأبرياء من التعرض لمثل هذه المواقف التي تؤلمهم نفسيا، وتمزق قلوب أسرهم حزنا على فراقهم لسنوات؟. وهل يتطلب الأمر استحداث لجنة خاصة لمتابعة تحركات الأطفال ومراقبتهم، أم أن إغلاق هذا الملف لا يحتاج إلا لمزيد من التوعية؟. الحالات التالية تعكس أبعاد القضية: لم تجف بعد دموع عبد الله الزهراني؛ حزنا على طفله الذي فقده منذ ربع قرن في المسجد الحرام، وما بين نبرات الحزن ونظرات التفاؤل بلم الشمل يعيش الرجل المكلوم على أمل العثور على ابنه محمد الذي ما تزال صورته محفورة في ذاكرة كل الأسرة. 23 عاما مضت ولم يدب اليأس في قلب الزهراني قائلا: أشعر بأنني سأعثر عليه يوما، ومثلما فقدته، وهو في شهره السابع، قد يأتيني شابا يافعا فيعيد الابتسامة التي فارقتني منذ ضياعه عام 1407ه. ومن مقر إقامته في محافظة المندق في منطقة الباحة يروى الزهراني ل «عكاظ» القصة وأصل الحكاية: في عام 1407ه،كان ابني محمد لا يتجاوز عمره سبعة أشهر، وقررنا آنذاك أداء العمرة، وعند دخولي برفقة والدة محمد وجدته واخته الصغيرة وشقيقه المسجد الحرام رفع آذان المغرب، فذهبت إلى ساحة الرجال لأداء الصلاة، وعند عودتي وجدت أسرتي تسألني عنه معتقدين أنه معي، وبدأت منذ هذه اللحظة أصعب رحلة في حياتي. ويضيف الزهراني: أبلغنا الشرطة وانطلقت الأسرة والأقارب في البحث عن محمد، إلا اننا لم نعثر عليه، وبسؤال شقيقته، قالت: أخذته امرأة سمراء منقبة، بعد أن طلبت مني الذهاب، لأن أشرب من برادة الماء، وعند عودتي لم أجد أخي. مشيرا إلى أنهم لم يخرجوا من الحرم آنذاك إلا بعد آذان فجر اليوم الثاني. وتمنى الزهراني أن يدفن فلذة كبده بيديه، معتبرا ذلك أرحم من المعاناة التي يعيشها جميع أفراد الأسرة منذ ذلك الحادث المؤلم، موضحا أن شقيقته الكبرى (30 عاما) والتي خطف الطفل من بين يديها تواجه آلاما كبيرة، بسبب ذلك الموقف. ولم يكن طريق البحث عن محمد سهلا وممهدا، بل كان مفروشا بالأشواك التي امتدت لمسافات طويلة بدأت من جوار بيت الله، مرورا بمدن مختلفة وصولا إلى قلب المغرب وجبال اليمن. فعلى مدى أكثر من عقدين تعرضت الأسرة إلى عدة محاولات نصب واحتيال من أصحاب قلوب ميتة تجيد استثمار معاناة وآلام الآخرين. ويقول الزهراني: بحثت عن ابني في الكثير من الدول التي يشتبه بوجوده فيها، وانفقت مئات الآلاف من الريالات في تلك الرحلات، ولم يتملكني اليأس، ومستعد للإنفاق أكثر وأكثر حتى يعود محمد إلى حضني. قصة احتيال ويروي أبو محمد قصة احتيال واجهها: أرسل لي شخصا في بلد عربي رسالة يخبرني فيها أن ابني موجود لديه وأنه في أتم صحة وعافية، وأنه متأكد أنه ابني، وبعد أن طلبت منه إرسال البصمات الخاصة به لم تمض أيام حتى أرسلها لي، وعندما أبلغته أنني فقدتها وأرغب في إرسالها مرة أخرى، وجدتها مختلفة عن الأولى التي أرسلها، وعلمت أنه أراد استغلالي واستثمار معاناتي. ومن القصص أيضا: أبلغتني سيدة في مكة أنها تعرف مكان ابني، وأنه لدى زوجة رجل أعمال مهم لا يعلم بذلك لأنه لا ينجب، وترغب زوجته في أن يكون له وريثا عند حالة وفاته، فأبلغت الشرطة ومن مكة إلى الطائف تنقلنا لمراقبة منازل ذلك الشخص حتى اكتشفنا أن القصة غير صحيحة وأن شيئا من ذلك لم يكن. ويتابع الزهراني: ومن أغرب القصص أن مشاركا تونسيا في برنامج ستار أكاديمي التلفزيوني، قيل إن لا أسرة له، وأنه يشبه بعض تفاصيل طفلهم محمد في صورته عندما كان عمره سبعة أشهر، ولكن تبين لنا أنه ليس ابننا، ورغم طول مسافة مشوار البحث وما تخلله من احتيال يؤكد أبو محمد أنه سيظل يبحث عن ابنه حتى آخر رمق في حياته، لافتا إلى أن العقبة الرئيسية التي تواجهه هي تغير شكل محمد نتيجة مرور كل هذه السنوات. ويستدرك الأب: سمعت عن مراكز بحثية أو ربما جنائية في بعض الدول تستطيع أن ترسم صورة قريبة من ملامح شخص ما بناء على صورة له في الصغر، ولهذا والحديث له تقدمت بطلب إلى وزارة الداخلية (إدارة البحث الجنائي) علها تساعدني في الخروج بصورة تقريبية لمحمد، ووعدني مدير الأمن الجنائي اللواء خضر الزهراني بالمساعدة، مشيرا إلى وجود علامات فارقة في ابنه تتمثل في شامة بيضاء على ظهره من جهة اليمين، عينان عسليتان، كما أن شعره ليس كثيفا ويميل إلى السواد، مؤكدا أن محمدا ولد في المستشفى العسكري في جدة وبصماته موجودة لديهم ولدى الجهات المعنية. اختطاف لارا وتروي أم عبد العزيز «33 عاما» وأم لخمسة أبناء قصة اختطاف ابنتها لارا «7 أعوام» لدقائق معدودة في أحد الأسواق في جدة، قائلة: كنت أنوي حضور مناسبة عند أقاربي وقبل ذهابي إلى منزلهم ذهبت أنا وابنتي لارا إلى أحد الأسواق القريبة من منزلنا برفقة السائق الذي كان ينتظرنا في الخارج، وبينما كنت منهمكة في شراء هدية للمناسبة التي كنت أنوي الذهاب إليها بحثت عن لارا التي كانت تقف إلى جانبي، فلم أجدها! حينها صعقت وخفت كثيرا، فرفعت صوتي أردد اسمها علها تسمعني، لكن لم تجبني أبدا، فهرعت أركض في الممرات داخل السوق وأفتش عنها في المحلات القريبة دون فائدة، كنت أبكي وأصيح من شدة الخوف حتى كدت أن أفقد الوعي، ولم تمض دقائق حتى سمعت صوت رجل خلفي يقول :«لا تخافي.. لا تخافي» فالتفت نحوه وإذا به يحمل لارا بين ذراعيه، وهى تبكي من شدة الخوف، ضممتها إلى أحضاني وأخذت أبكي وأقبلها بشغف، وأخبرني ذلك الرجل بعدها أنه شاهدها مع امرأة تحملها و«لارا» تصيح خائفة، فربط الرجل بين ذلك المشهد وبين بحثي عنها بصوت مرتفع، فحاول أن يوقف تلك المرأة لكسب الوقت فقط حتى يتأكد من هوية الفتاة التي معها، وعندما حاول إيقافها تخلصت من لارا واختفت فجأة بين المتسوقين وعرفت أن سبب اختطافها كان بهدف سرقة أسورتها الذهبية، ولكنني لم أهتم كثيرا بالذهب المسروق بقدر ما كنت مهتمة بعودة ابنتي سالمة. اختفاء ماجد ويصف سالم لحظات اختفاء أخيه ماجد الشهري «ثمانية أعوام» في أحد الأسواق في شمال جدة، قائلا: كان ماجد يسير بجواري وبعد ساعة تقريبا اختفى، لم أرتبك في تلك اللحظة وتوقعت أنه ما زال بالقرب مني، ولكن حين بدأت البحث عنه ولم أجده جن جنوني، وكان السوق مزدحما، وكلما مضى الوقت زاد توتري وخوفي عليه، فذهبت إلى إدارة السوق ولم أجده أيضا، وفكرت أنه قد اختطف أو أصابه مكروه، بحثت عنه في كل مكان، داخل السوق وخارجه وكنت أسير ممسكا برأسي من هول الموقف وشدة الخوف، وأحيانا أجلس حين أشعر أن قدماي لا تقويان على حملي وبعد ما يقارب الساعة تقريبا، رأيته ممسكا بيد أحد رجال الأمن في السوق، فانطلقت مسرعا نحوه وأنا في حالة يرثى لها!. قلق مستمر ولكن صالح جمعان الغامدي، أب لأربعة أطفال يقول: دائما ما أمنح أطفالي الثقة وفرصة الخروج، ولكن أظل أراقبهم، فقصص الاختطاف التي نسمع بها تزيد من قلقنا وخوفنا على الأبناء، فلا أتصور ما الذي قد يحدث لي لو أختطف أحد أبنائي أو تعرض للأذى أو القتل، حينها قد أموت من شدة القهر، لذلك أحرص على متابعتهم ومراقبتهم عن بعد حتى لا أعض أصابع الندم!. ظاهرة غير مرصودة ومن جانبه أوضح أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبدالرحمن عسيري أن حالات خطف الأطفال في العالم لا تخرج عن الاستغلال الجسدي، أو الاستغلال في التسول والذي يتم في حالات قليلة تتركز في المنطقة الغربية ضمن عصابات التسول التي تستغل الأطفال في المواسم، مؤكدا أن الاختطاف ظاهرة غير مرصودة علميا، لافتا إلى أنه لا توجد إحصائيات عنه في المملكة حيث لا تزيد حالات اختطاف المواليد على ست حالات سنويا، وأن الاستغلال الجسدي من أهم أسباب الاختطاف، مؤكدا أن من أهم مسبباته أيضا إدمان المخدرات، والوقوع تحت تأثير المسكر، مشددا على أهمية دور الأسرة في توعية أبنائها وحمايتهم من الاختطاف. معدلات مقبولة ويؤكد عضو هيئة التدريس في جامعة الملك خالد الدكتور محمد آل ناجي، أن موضوع اختطاف الأطفال لا يشكل ظاهرة، ولكن يجب الوقوف بحزم في مواجهته حتى لا يتحول إلى ظاهرة، مؤكدا على أهمية إيجاد دراسات تقدم أسبابا علمية للظاهرة وتطرح توصيات بعد دراسة للحالات التي عانى أصحابها من هذه المشكلة، مشيرا إلى أن هذه المشكلة ما تزال في المعدلات المقبولة، لافتا إلى أن المجتمع يعيش تغيرات كبيرة متعلقة بالأسرة والتربية وتركيبة المجتمع، ولابد أن تدرك الأسرة أهمية منح أطفالها الاعتزاز بالنفس والثقة، والتحذير من المشكلة في وسائل الإعلام والمناهج الدراسية ومجالس الآباء والأمهات بأساليب تربوية وبدون تخويف. حقوق الطفل وحمايته وإلى ذلك يؤكد أيضا مدير مكتب مدير شرطة المدينةالمنورة العقيد الدكتور نايف المرواني أن المشكله لم تصل إلى الظاهرة، ملقيا بالمسؤولية في فقدان الأطفال في المسجد النبوي على بعض الأباء والأمهات الذين لم يولوا الأمر أهميته، مما يشغلهم عن صلاتهم ويشتت خشوعهم ويبث في نفوسهم القلق، مضيفا أن الإحصاءات التي تصل تعتبر متوسطة نوعا ما لكنها مقلقة نتيجة عدم تهاون بعض الأباء في إعطاء الأمر الجدية التي تمنع ضياع أطفالهم، فيما أشار المتحدث الإعلامي في شرطة المدينة العقيد محسن الردادي إلى أن الوضع لم يصل إلى الظاهرة، مضيفا إلى أن فقدان الأطفال طبيعي جدا في الأيام العادية ولا يزيد إلا في أيام الإجازات وموسم رمضان والحج، مشيرا إلى أن ضياع الأطفال يأتي تحديدا من قبل الزوار القادمين من خارج المدينة، وأضاف: أن من الحلول التي تتطلب إنهاء مثل هذه الحالات وضع ملصق على أيدي الأطفال به معلومات عن الطفل حتى في حالة فقدانه يتم الوصول لأسرته، داعيا إلى ترك هؤلاء الأطفال في مقر سكن الأسرة في حال توفر من يرعاهم بدلا من إحضارهم للمسجد النبوي، خاصة أن معظم الذين يفقدون صغارا ولايدلون بمعلومات عن أسرهم، مما يصعب الموقف. الظاهرة تتسع ومن وجهة نظر رئيس الخدمة الاجتماعية في مستشفى الملك فهد في جدة الدكتور طلال الناشر، أن قضية اختطاف الأطفال، سواء الرضع من المستشفيات، أو صغار السن من الأزقة، والأماكن العمومية، تثير رعبا في صفوف الأمهات والآباء والأسر، مؤكدا أن منظمات حقوقية للطفولة كشفت أن ظاهرة اختطاف الأطفال اتسعت، وأصبحت تهدد مجتمعات عدة في مختلف بلدان العالم، وأن أسباب حالات الخطف ترجع إلى انعدام الوازع الأخلاقي والديني، وتفشي ظاهرة مشاهدة الأفلام الإباحية التي تثير الغرائز وتعلم الإجرام، وغياب التربية الصالحة من قبل الأسرة، وضعف التوجيه التربوي في المدارس والجامعات، واصفا مشكلة اختطاف الأطفال، بأنها تؤرق المجتمع الدولي أجمع، لأنها تحول دون التعرف على الهوية الحقيقية للأطفال، وتكون بداية لسلسلة من المآسي الاجتماعية، وسببا رئيسيا في اغتصاب حقوق الأطفال، وإجبارهم على التعاطي مع أوضاع غير إنسانية، لا تحفظ كرامتهم، ولا تصون حقوقهم الأساسية كاستغلالهم في أعمال مخلة والتسول. مغريات وسائل الإعلام وعن أسباب المشكلة تشير الباحثة والأخصائية الاجتماعية في المستشفى السعودي في جدة، وداد عبد الرحمن السويدي إلى أن ضعف الروابط الأسرية أنتج أفرادا خرجوا إلى الحياة بدون رعاية تربوية، ففشلوا في حياتهم الدراسية والعملية، ولم يستطيعوا التأقلم مع النمط السائد في المجتمع، فأحدث ذلك صدمة نفسية لهم، إلى حد الانقلاب على المجتمع، الأمر الذي أوجد مشاعر تؤصل الإجرام في نفوس تلك الطائفة المنهزمة نفسيا والمنبوذة اجتماعيا، وتؤكد أن من أهم أسباب الوقوع في تلك الجرائم ضعف التربية الأسرية لدى الكثير من الأسر، والإهمال في تحصين الأبناء، الأمر الذي يساعد في انحرافهم. إضافة إلى وجود المغريات المتنوعة في وسائل الإعلام، في حين أوضح الأخصائي النفسي في أحد مستشفيات المدينةالمنورة الدكتور حمدي السيد أن الطفل المفقود من أسرته يعيش فترة عصبية تؤثر على نفسيته، وربما تواصلت معه بقية عمره، خصوصا الأطفال المتعلقين بأبائهم أو أمهاتم، مشيرا إلى أن الطفل التائه لابد أن يخضع لجلسة علاجية بعد العثور عليه لما حدث له من صدمة نفسية. 50 متطوعا وفي سبيل إيجاد حل للمشكلة أبلغ «عكاظ» مدير جمعية هدية الحاج والمعتمر الخيرية في مكة الشيخ منصور العامر، أن هناك 50 شابا متطوعا يعملون في توعية الأباء عند مداخل ساحات المسجد الحرام، ويوزعون أساور يدوية تعريفية على أطفال زوار بيت الله الحرام للحد من ضياعهم وفقدانهم، لا سيما في أوقات الذروة وشهر رمضان، مؤكدا أن المدة الزمنية لفقدان الأطفال وإعادتهم إلى ذويهم تقدر بأربع ساعات، ينجح بعدها المتطوعون مع الجمعية في لم شمل الأسر بأطفالهم المفقودين. وأوضح العامر أن الجمعية افتتحت نهاية الشهر الماضي ثلاثة مكاتب جديدة لرعاية الأطفال التائهين في ساحات المسجد الحرام؛ خدمة لضيوف الرحمن وأبنائهم المرافقين لهم ويعمل في هذه المكاتب 13 سعودية من خريجات رياض الأطفال مدربات على استقبال الأطفال والتعامل معهم بأسلوب مميز يخلق نوعا من الطمأنينة في نفوسهم، وتحتوي المكاتب على صالات أطفال مجهزة بألعاب ووسائل ترفيهية متنوعة وشاشات عرض تلفزيونية تضفي جوا من المرح على الطفل حتى يأتي ذووه لاستلامه. وتدرس الجمعية حاليا تفعيل أعلى للخدمة عبر تجهيزات تقنية يتم من خلالها بث صورة الطفل الضائع حال وصوله للمكتب إلى مكاتب الأمن في المسجد الحرام لسرعة وصول ولي أمر الطفل واستلامه، وتقصير فترة غيابه عن والديه، مبينا أن المكاتب تعمل بالتنسيق مع قوة أمن الحرم المكي الشريف التي تتولى إنهاء إجراءات المفقودين، والتأكد من بيانات أولياء أمورهم وتسليمهم لهم بطرق نظامية تحول دون حدوث أي خطأ، فيما تكثف الأجهزة الأمنية في قوة أمن الحرم الرقابة على كافة أرجاء المسجد الحرام عبر 800 كاميرا ترصد وتتابع أوضاع المعتمرين؛ بهدف توفير الأمن والسلامة والطمأنينة لهم، فيما أوضح مدير العلاقات العامة في فرع الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي عبد الواحد الحطاب، أن إدارة خدمات الأبواب في المسجد النبوي تباشر مثل هذه الحالات، مشددا على أن يتوخى الأباء الحذر ولابد من الاهتمام بأبنائهم أثناء حضورهم إلى المسجد النبوي، مشيرا إلى أن الأطفال المفقودين تتراوح أعمارهم ما بين الثانية والثالثة إلى الخامسة من العمر، وتتعامل إدارة خدمات الأبواب معهم بكل عطف واهتمام، وحتى تسليمهم إلى أبائهم إذا وجدوا أو تسليمهم لمخفر الحرم. عقوبات رادعة وشدد المحامي عبدالعزيز الجريسي، على ضرورة إصدار أحكام وعقوبات رادعة لجرائم الاختطاف والاغتصاب، لأنها تهدد أمن المجتمع، وطالب بتشكيل لجنة من مجلس القضاء الأعلى للبحث في القضايا التي تشغل الرأي العام، وعدم الاعتماد على قاض واحد في الحكم خوفا من أن يتعرض القاضي لضغوط من الرأي العام، مؤكدا أن اختطاف الأطفال والنساء، والاعتداء على المدارس، والتعرض للنساء والأطفال في الأسواق، ظواهر اجتماعية مخيفة لابد أن تدرس وتوضع لها قوانين مقننة ورادعة يستعين بها القضاة في إصدار أحكام تتناسب مع طبيعة الجرم. حظر خروج الأطفال ومن جانبه طالب خبير الطفولة الدكتور عبدالرحمن الصبيحي في اللجنة الوطنية للطفولة، بحظر خروج الأطفال بمفردهم بعد الساعة التاسعة مساء، وأشار إلى أن الهدف من ذلك هو الحفاظ عليهم من عمليات الاختطاف التي بدأت تزداد في الآونة الأخيرة، حيث يتعرض الأطفال إلى التحرش والقتل في بعض الأحيان، فيما تكثر حالات الاختطاف في فترة المساء حينما يكونون بمفردهم، وطالب الصبيحي في خطاب وجهه إلى مجلس الشورى قبل أكثر من عام، إلى بحث القضية واتخاذ القرارات التي تحفظ أطفالنا من عمليات الخطف، بغض النظر عن قبول المجلس المقترحات من رفضها، وبرر مطالبته هذه بأن التقدم الذي تعيشه المملكة أظهر جرائم لم تكن معروفة من قبل، بل إن السلوك الإجرامي يتغير ويتبدل وبالتالي فإننا في معركة مستمرة مع أؤلئك المجرمين، معتبرا الإيذاء الذي يتعرض له الأطفال إحدى الجرائم التي انتشرت في الآونة الأخيرة لم يعد السكوت عنها وإنكارها سبيلا لحلها، وأسوأ صور تلك الجريمة هي اختطاف الأطفال وإلحاق الأذى بهم، وقتلهم في بعض الحالات، وبين الدكتور الصبيحي، أن خروج الأطفال من منازلهم ليلا غير مبرر، وليس هناك حاجة ماسة له، بل إن الأصل في التربية السليمة للأطفال تؤكد على منعهم من الخروج بمفردهم كل وقت، لأن الطفل ليس مطالبا بواجبات تستدعي الخروج من المنزل، فكل ما هو مطلوب منه الاهتمام باستذكار الدروس وتعلم مهارات الحياة من خلال احتكاكه المباشر بأفراد أسرته، وأما مهارة تكوين صداقات واكتساب خبرات التواصل الاجتماعي، فإنه يكتسبها من خلال الزيارات والرحلات العائلية، إضافة إلى ما يكتسبه داخل المدرسة.