التهابات اللثة تعزز الإصابة بأمراض القلب والسكري والسرطان    وفد من الشورى يطلع على خدمات منطقة الحدود الشمالية    تحذير: الباراسيتامول يسبب مشكلات خطيرة للمسنين    3 سنوات.. طالبات مدرسة «القيم» بلا نقل    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    الاتفاق يتربص بالأهلي.. والفيحاء والخلود «صراع الهبوط»    يايسله يبحث عن انتصاره ال 34 مع «الراقي»    «جون ويك 5» في السعودية    غزة.. هل انتهى كابوس الموت والتجويع ؟    وصول أول دفعة من الرهائن لإسرائيل.. وحماس تحذر من انتهاك الهدنة    «JOY AWARDS».. يحتفي بإنجازات فن العالم    نيمار يرفض الرحيل عن الهلال    ساديو ماني على رادار إنتر ميلان    هل يستمر نيمار ؟    "العُلا" و"الابتسام" إلى نهائي كرة الطائرة الشاطئية    إعادة إنتاج التفخيخ الديماغوجي    السعودية ودعم المبادرات العالمية    القطاع الخاص والرؤية    حصة بنت سلمان: مدارس الرياض الحلم السابق لعصره    المحامي عن ثرواتنا الطبيعية    موضة البطانية !    "إسناد" تعزز الشفافية المالية في قطاع التعدين    لمسة وفاء.. المهندس غانم الجذعان    الاتفاق يُحقّق جائزة الملك عبدالعزيز للجودة والتميز    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية في وفاة الشيخ عبدالله الصباح    أمير الرياض يستقبل السفير العماني.. ويعزي المباركي    البرازيلي «ريتشارليسون» يقترب من دوري روشن    سان جيرمان ينافس الهلال للتعاقد مع محمد صلاح    التويجري رفعت الشكر للقيادة لصدور الأمر الملكي.. تشكيل مجلس «هيئة حقوق الإنسان» في دورته الخامسة    تجربتي مع القطار.. أكثر من مجرد وسيلة نقل    أمير الشرقية يرعى اللقاء السنوي للجهات الأهلية    تتسبب في سجن رجل بريء لأن ملامحه أزعجتها    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإغاثية للشعب السوري    جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة تنظّم بطولة رياضية    المعجب يتفقد "نيابة جازان"    مفوض «الأونروا» يشيد بجهود المملكة في إنهاء صراع غزة    نواف سلاّم القاضي النزيه رئيسا لوزراء لبنان    نورة الفيصل ل«عكاظ»: «فنون التراث» تبرز الهوية السعودية برؤية عصرية    نصائح للكاتب الهازئ في إرباك القارئ    الصداقة بين القيمة والسموم، متى يكون التخلص من الأصدقاء ضرورة وليست أنانية؟    قصة «جريش العقيلي» (1)    الجار    ميزة من واتساب لمشاركة الموسيقى في الحالة    السجل العقاري يبدأ تسجيل 28 حيًا بمنطقة مكة المكرمة    التدخين والمعسل وارتباطهما بالوعي والأخلاق    شرب ماء أكثر لا يعني صحة أفضل    النجدي مديرًا لمستشفى الملك فهد في جازان    «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع    سكينة آل غالب إلى رحمة الله    محمد سعيد حارب.. صانع أشهر مسلسل كرتوني خليجي    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    احذروا ثم احذروا منهم    رمزية الأعداد الفردية والتوحيد    ولي العهد السعودي الأكثر تأثيرا للمرة الرابعة    الحب لا يشيخ    مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة ومنظَّمة "الألكسو" ينظِّمان ندوة تقرير السِّياسات اللُّغويَّة في الدُّول العربيَّة بتونس    السديس: لحظة تاريخية استثنائية.. إطلاق أكبر هيكلة تنظيمية برئاسة الشؤون الدينية في الحرمين    أكدت على الحقوق الفلسطينية وأشادت بجهود الوسطاء.. المملكة ترحب باتفاق وقف النار في قطاع غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة إنتاج التفخيخ الديماغوجي
نشر في عكاظ يوم 20 - 01 - 2025

وحده، العقل الديماغوجي من يخالف التفكير الصائب، والمتوقع المنطقي؛ ليذهب مجدّفاً في أحابيله الكاذبة، وتوهماته السقيمة، ولي عنق الحقيقة باتجاه أمنياته الكسيحة، ونوازعه المنفلتة..
فغاية أي «عقل ناضج، حين يخرج من تجربة أي كان نوعها أن يخضعها للبحث والتفتيش والدراسة، واستخلاص العبر والدروس منها، في صمتٍ مكتنز بالحكمة، وتؤدةٍ لا عصابية فيها ولا هياج ولا تبجح. لكن هناك من يخالف هذا المنطق البسيط، والمنحى السليم، فما كدنا نهنأ باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء هذه المأساة الإنسانية التي امتدت على مدار (467) يوماً، منذ مغامرة «طوفان الأقصى» الفاشلة، (نحو خمسين ألف شهيد ومليوني مشرّد ومدينة بالكامل مُحيت عن بكرة أبيها، مغامرة فرد واحد بأهل غزة)، حتى ظهرت بعض الأصوات التي تحمل في طياتها ذات الخطاب السقيم، والمقذوفات الكلامية التي انتهت بالإنسان الفلسطيني إلى ما انتهى إليه قطاع غزة اليوم من دمار شامل في البنية التحتية، وحصيلة بلغت نحو (50) ألف شهيد، وأضعاف ذلك من المصابين والمعاقين والمفقودين، فأي شخص يرى في ما جرى «نصراً» لفلسطين، حريٌّ بأن يعرض على مشفى نفسي للتأكد من سلامة قواه العقلية، وإن تعذّر ذلك، فلا بأس بعرضه على «راقٍ» يقرأ على سمعه ما تيسر من آيات طرد الشياطين والمردة والعفاريت.
ولست بذاهب في اتجاه تفنيد بعض التصريحات التي نفث بها لسان بعض القياديين والتي لا تخرج في توصيفي من كونها «سطور في فصول مسرحية من فن الكوميديا السوداء من شاكلة القول بأن «ما قامت به نخبة القسام في 7 أكتوبر 2023 من إعجاز وإنجاز عسكري وأمني سيبقى مفخرة لشعبنا ومقاومتنا تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، وقد أصابت كيان العدو في مقتل».
ولن تجد لهذا الضرب من الزعم الأجوف تمثيلاً ومقاربة إلا إذا استدعيت مقولات سميح القاسم وحزب الله بأن اتفاق وقف الحرب في غزة يدل على ثبات المقاومة، وأنها أخذت ما تريد، وأن مقاومة حزب الله نصرت غزة فهذا الخيط من ذلك النسيج.
غير أن الأعجب من كل ذلك القول بأن: «الاحتلال لم يتمكن من استعادة أسراه إلا بصفقة مع المقاومة تتضمن وقفاً للحرب والعدوان وتبادلاً مشرّفاً للأسرى».
ولو كانت الأمور بمثل هذا المنطق السقيم، فلينظر إلى عدد الضحايا الفلسطينيين والمعوقين منهم، ويضع ذلك بالمقارنة مع مثيلها في الجانب الإسرائيلي، فضلاً عن وضع قطاع غزة في حالة أشبه ما تكون ب «الوصاية غير المعلنة» من قبل قوات الاحتلال، وليحكم بعد ذلك إن كان هذا وضعاً «مشرفاً»، يحمل على الحفاوة والابتهاج، والظهور بلا حياء لإعلان نصر متوهم، وإرغام لأنف العدو في وحل الهزيمة النكراء!
على أن خطورة ما جاء الخطاب تكمن في عدم وعي الدرس جيداً، و«الإصرار» على ذات المحركات القديمة التي أنتجت هذه الأزمة، و«التهديد» بها في يوم الهدنة ووقف النار، وكأن مثل هذه الخطابات تدسّ لغماً في جوف الاتفاق، وتضعه في وضع الاهتزاز والنقض في أي لحظة تطرأ، فتمرير خطاب الشكر المفخخ للجهات التي أسهمت في تفاقم هذه الأزمة، إشارة واخزة من جانب، وملغمة من جانب آخر، لا تحمل على توقع أن يستمر وقف إطلاق النار كثيراً طالما لا يزالون يرون في «حزب الله والجماعة الإسلامية في لبنان» نصيرهم وعدّتهم المستقبلية، ويتراحبون في الشكر ليشمل «أنصار الله الحوثيين»، والجماعات الإسلامية في العراق.
والمضحك المبكي أننا نشهد حالة تزييف علني لواقع لم يستمهله التاريخ كثيراً ليكتب سطوره الأولى بتوثيق منضبط، وتقييم حقيقي..
إن هذه «التشكرات» تحمل في طياتها بذور فتنة جديدة، ومرتكزات انطلاقة ل«حماقة» جديدة وشيكة، وهو أمر لا يتركك رهن فهمك له على التقدير والحدس؛ بل يزيدك فيه كيل بعير بالتصريح الذي لا لبس فيه، ولا مكان وراءه لفهم مغاير بقولهم: «إن كل هؤلاء المجرمين سيلقون جزاء ما قدموا وما فعلوا ولو بعد حين»، مضيفين بالقول: «أسرانا الأبطال على موعد مع فجر الحرية، وإننا سنواصل الاتصال مع بقية الفصائل الفلسطينية لبناء وحدتنا الوطنية وتحقيق دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.
ليعلم متنفذو «حماس» أن السبيل الوحيد لتحقيق هذه الغاية النبيلة المتمثلة في استعادة دولة فلسطين وعاصمتها القدس، يكون، أول ما يكون، بخلاص فلسطين من أسر «حماس»، وخطابها المخاتل المستورد، وتقدير مصالح الشعب الفلسطيني بعيداً عمّن يتخذه مخلباً، وملفاً يفاوض به العالم لأجل غاياته ومصالحه «الصفوية»، والوعي البصير والمدرك للمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، والاستفادة القصوى من عوامل الضغط الدبلوماسي العالمي على الكيان الصهيوني، وتجريد قوات الاحتلال من كل المسوغات الأخلاقية التي يمكن أن يتذرّع بها، وفوق ذلك كله الرجوع إلى «المبادرة العربية» التي أطلقتها قيادة المملكة، ففي طواياها يكمن الحل، وعبرها ستسترد فلسطين موقعها العربي، وتتحصّن من غوائل «الأحلام المستوردة»، وتحقق أحلامها بأقل الخسائر الممكنة، في أقصر الآجال المتوقعة. وإن لم تستحِ فقل ما شئت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.