لا تزال بلدية الخبر تدهشنا بتأكيدها المستمر على صوابية منهجها في تبنيها لمدرسة إدارية إنسانية فريدة بإصرارها على ترسيخ ثقافة عمالية حضارية عريقة تراعي ظروف العمال الإنسانية فتحتفل بهم وتكرمهم من خلال إقامة مناسبات كبيرة يحضرها كل العمال وبالأخص عمال النظافة وعمال التشجير وهم الأكثرية بطبيعة الحال، استناداً لنظرية الإدارة الإنسانية أو الإدارة بالإنسانية. وهذا يطرح سؤالاً مشروعاً عن سبب غياب هذا التقليد «غير الإلزامي» عن كثير من البلديات والأمانات؟ ثم أنه يطرح سؤالاً عن السر الذي يجعل بلدية الخُبر تتمسك بهذا التقليد النموذجي الذي دأبت عليه البلدية منذ سنوات؟ ولماذا لا تحاول وزارة البلديات والإسكان تقديم هذه التجربة وتعميمها، جنباً إلى جنب كل الممارسات الاستثنائية من كافة البلديات وأمانات المناطق. الإدارة الإنسانية أو الإدارة بالإنسانية مدرسة إدارية تتبنى الأفراد العاملين في المنشأة وتراعي احتياجاتهم الإنسانية وتتوقف عند ظروفهم الشخصية وذلك في سبيل تحقيق رضا العاملين وخلق جو عمل إيجابي مثمر وفي سبيل تشجيع التعاون والتطوير المشترك على قاعدة الاحترام المتبادل واستدامة الشراكة بين المنشأة وجميع فئات العاملين بها وتأصيل التواصل الفعال بين المنشأة والعاملين فيها وصولاً إلى تعزيز الولاء والانتماء للمؤسسة وقطف ثمرة النجاح المشترك. بلدية الخبر ليست دخيلة على مجتمعنا وثقافتنا، ولم تبتدع هذه التقاليد، فما قامت به امتداد طبيعي لتقاليد أصيلة في قيمنا العربية والإسلامية، ويمكن أن يكون ما قامت به الجالية الفلبينية من أعمال تنظيف لسواحل البحر والشواطئ في المنطقة الشرقية والتكريم الرسمي الذي حظيت به هذه الجالية دافعاً مُلهماً لبلدية الخبر وإدارتها في تبني واعتماد مناسبات سنوية لتكريم عمال النظافة وعمال التشجير، وقد تكون هذه العوامل مجتمعة جعلت بلدية الخبر تتنبه خلافاً للكثير من إدارات البلديات، لأهمية هذا المنهج الإداري الإنساني الحضاري ومردوده الإيجابي وانعكاساته المباشرة وغير المباشرة على حجم ونوع الإنجازات، وأن القيمة الإنسانية يمكن أن تلتقي مع القيمة الاقتصادية وتصبح أكثر استدامة وتمكيناً. إن النهج الذي تتبناه وتعمل عليه بلدية الخبر يعد واحداً من النماذج الرائدة والواعدة في ردم الهوة الثقافية بين المواطن والمقيم بشكل عام، كما أنه يقدم صورة إيجابية مغايرة للقبح والسوء الذي تعمل عليه وتتبناه كثير من الحسابات في شبكات التواصل الاجتماعي تحت عناوين مشبوهة للاصطياد في الماء العكر، والذي سبق أن حذرت منه شخصيا في أكثر من منبر إعلامي، بينها «عكاظ» وشبكة روتانا التلفزيونية. شكراً لبلدية الخبر والقائمين عليها، ودعوة لوزارة البلديات والإسكان لتعميم هذه التجربة الحضارية الرائدة والخلاقة ودعمها، لتصبح منطلقا لكل المؤسسات في القطاعين العام والخاص.