لا يملك المراقب لمؤشرات سوق العمل السعودي إلا ملاحظة ما تشهده المملكة في السنوات الأخيرة من زيادة معدلات مشاركة القوى العاملة من الكوادر الوطنية في السوق، فضلاً عن زيادة معدلات التوظيف في مختلف القطاعات، والمدفوع بالإصلاحات الهيكلية الاقتصادية الشاملة، وتنتهجها كجزء من رؤية 2030، خاصة ما يرتبط بتنشيط القطاع الخاص والتوسع في فرص العمل؛ لتحقيق معدل بطالة لا يتعدى 7%، كجزء من أهداف الرؤية السعودية الطموحة ! وتعمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في هذا الإطار، بإطلاق برامج وتشريعات ومبادرات التوطين، فضلاً عن برامج التدريب والتأهيل والتمكين، من قبل منظومة الموارد البشرية؛ لزيادة نسبة المواطنين والمواطنات من القوى العاملة في سوق العمل، وهذا ما انعكس بشكل ملحوظ في نتائج نشرة سوق العمل للربع الأول من العام 2024، حيث شهدت توسعاً في استقطاب الكوادر السعودية في القطاع الخاص، والوصول إلى انخفاض تاريخي لمعدّل البطالة بين إجمالي السعوديين، ليصل إلى 7.6%، بعد أن كان 7.7% في الربع الرابع من العام 2023. أهم ملامح نشرة سوق العمل الأخيرة، تأكيدها على نجاح برامج وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في تنشيط سوق العمل وتحفيز السعوديين على الانخراط في صفوفه للمشاركة في الاستقرار التنموي الوطني، ولعل تنظيم العمل المرن المحدّث، الذي أعلنته الوزارة مؤخراً، يسهم في صقل مهارات وخبرات الكثير من أبناء وبنات المملكة، فضلاً عن دمجهم في السوق، عبر إيجاد تنظيم تعاقدي مرن يحفظ حقوق كافة الأطراف، الأمر الذي أثر في ارتفاع معدَّل مشاركة إجمالي السعوديين في القوى العاملة في الربع الأول من عام 2024، ليبلغ 51.4% مقارنة ب50.4% في الربع الرابع من العام 2023 ! ولا بد من الإشارة إلى دور برامج صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) الموجهة لدعم التدريب والتمكين والإرشاد في ارتفاع معدل مشاركة السعوديين من الجنسين، التي استفاد منها أكثر من مليون سعودي وسعودية، وهو ما أسهم في رفع معدل مشاركة القوى العاملة من السعوديات في الربع الأول من عام 2024، إلى 35.8%، مقارنة ب 35.0% في الربع الرابع من عام 2023، والذكور إلى 66.4% مقارنةً ب65.4% خلال الفترة نفسها. وبشكل عام، فإن جهود الحكومة السعودية في تطوير وتنمية سوق العمل أسهمت في تحسين مؤشرات العمل في المملكة، إلا أنه ما زال هناك المزيد من الجهد للوصول إلى مستهدفات رؤية السعودية، بخفض البطالة إلى 7% فقط بحلول عام 2030 !