تمرّ الأيام، ووتيرة العمل الثقافي تسير بشكل منتظم ومستدام، وتؤكد أن الثقافة حققت أبرز مستهدفاتها، وهو العمل وفق رؤية حديثة مواكبة تستشرف المستقبل، بل تصنعه، فهي كما يلحظ المتابع بأنها تمضي بثقة نحو مسعاها الكبير؛ وهو تأسيس مفهوم جديد للثقافة يتجاوز كل الأفكار التقليدية السابقة التي لم تكن ترى في الثقافة إلا مجالاً محدوداً يرتبط حصراً بالأدب والكتب والكتابة، بينما هي في حقيقتها طيف واسع من المجالات الإبداعية المتنوعة التي كرّستها الوزارة خلال السنوات الماضية وشملت عدة فنون وحقول تمثّلت في هيئات: الأزياء وفنون الطهي والموسيقى والفنون البصرية والأفلام والمسرح والفنون الأدائية والتراث والمتاحف، إلى جانب الأدب والنشر والترجمة، وغيرها من المجالات التي أصبحت الآن قابلة للتداول على النطاق الاجتماعي كقطاعات ثقافية معتمدة وأساسية. اليوم يترسّخ هذا الاهتمام بتلك الفنون والمناشط المختلفة من خلال الدعم والتشجيع الذي لا ينقطع؛ بل إنه بات تقليداً ثقافياً ثابتاً. وها هي وزارة الثقافة تجدد الدعم والتشجيع والتحفيز للمبدعين في كل الحقول من خلال الإعلان عن فتح باب الترشيح أمام عموم أفراد المجتمع لتقديم اختياراتهم وترشيحاتهم للأسماء المبدعة التي حققت التميّز في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال المنصة الإلكترونية المخصصة للدورة الرابعة من مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية، حيث أتاحت للجميع تقديم الترشيحات في 11 جائزة، تشمل: جائزة الأفلام، وجائزة الأزياء، وجائزة الموسيقى، وجائزة التراث الوطني، وجائزة الأدب، وجائزة المسرح والفنون الأدائية، وجائزة الفنون البصرية، وجائزة فنون العمارة والتصميم، وجائزة فنون الطهي، وجائزة النشر، وجائزة الترجمة. إذ تستقبل ترشيحات العموم للمثقفين المتميزين الذين حققوا إنجازات في أحد هذه المسارات. الجائزة بهذه الديمومة والاستمرارية تؤكد الاحتفاء بالإبداع والتميز، وتستنهض همم كل من يملك تميزاً في أي مجال، ما يعني أن الاحتفاء بالمواهب وبالعقول المبدعة هو أحد تجليات العمل الثقافي. فمبادرة "الجوائز الثقافية الوطنية" التي أُطلقت في عام 2020م إحدى مبادرات الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة عن رؤية السعودية 2030، وتأتي في إطار تقدير وزارة الثقافة للمنجزين من الأفراد والمؤسسات الثقافية، وتعزيزاً لأدوار المملكة دولياً في تحفيز التبادل الثقافي الدولي، وقد شهدت في دوراتها الثلاث السابقة تكريم مجموعة من الأفراد والمؤسسات الثقافية محلياً ودولياً تقديراً لجهودهم الثقافية والفنية. إن ما نشهده من حراك ثقافي لهو صورة مبهجة تعكس التطور والتمكين والدعم اللامحدود من قيادتنا الفذة لكل ما من شأنه تعزيز حضورنا الثقافي عبر موروثنا وكنوزنا التي تكتنز بها بلادنا وقبلها إنسان هذا الوطن العظيم المعطاء.