«جواهر» عروس في الرابعة والعشرين، أكملت شراء فستانها الأبيض لتفرح بيوم زفافها، ووزعت بطاقات الدعوة لصديقاتها، وقبل الفرح بأيام، فوجئت أن عريسها قرر تأجيل موعد الفرح دون مشاورتها، ثم وعدها بإتمام الزواج الشهر التالي، ثم قرر التأجيل مرة ثانية، أعقبها بتأجيل ثالث ورابع، وانتهى الأمر إلى أن طلب العريس من عروسه الانتظار إلى حين حصوله على شقة من برنامج «سكنى»، فقررت العروس التقدم إلى المحكمة تطلب فسخ نكاحها من دون عوض لتضررها من بقائها في بيت أهلها. وبحسب الوقائع، قدمت العروس لائحة دعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية أبدت فيها رغبتها في التخلص من عريس التأجيلات، وقالت في دعواها الإلكترونية، إن العريس عقد قرانه عليها قبل 3 سنوات بمهر مسلم وقدره 50 ألف ريال وخلا بها ولم يدخل بها، وإنها تقيم خارج بيت الزوجية عند أهلها، وبسبب تكرار إلغاء موعد الزفاف طيلة السنوات الماضية وعدم جديته وعدم رغبته في الاستمرار طلبت فسخ نكاحها، وقدمت العروس أدلة رقمية كبينة على صحة دعواها، تضمنت رسائل صوتية ومحادثات واتساب للعريس، مضمونها قراره تأجيل موعد الزواج الذي كان مقرراً في موعد محدد، ورسالة أخرى قال فيها العريس، إن شقة الزوجية ستكون شقة مفروشة جاهزة ومؤثثة، وإن حفل الرجال سيكون في استراحة، والنساء في قاعة محجوزة إضافة إلى رسائل نصية أخرى تؤيد دعواها. وقالت الشاكية، إن العريس أغلق هاتفه، فحاولت التواصل مع أهله فحظروا رقم هاتفها. وقدمت العروس للمحكمة صورة إلكترونية من عقد زواجها، تضمنت شروطها في العقد من سكن مستقل والاستمرار في وظيفتها، وأحالت المحكمة العروس إلى لجنة الصلح لمحاولة الإصلاح وتقريب وجهة النظر بين العروسين، لكن العريس لم يحضر رغم إبلاغه بموعد الحضور، فيما تمسكت العروس بطلبها وإزالة الضرر الذي لحقها. وفي جلسة أخرى، حضرت العروس ولم يحضر المدعى عليه ولا من يمثله، رغم تبلغه إلكترونياً بموعد الجلسة عن طريق رسالة نصية، لكنه لم يحضر أو يتقدم بأي عذر؛ لذا اعتبرت المحكمة العريس المدعى عليه متبلغاً لشخصه وقررت السير في الدعوى حضورياً. وفي جلسة أخرى، ورد قرار قسم الخبراء بشأن التحكيم بين الزوجين المتخاصمين، وجاء في التقرير «اجتمع قسم الخبراء بكل من وكيل الزوج والزوجة، وجرى الاطلاع على دعوى العروس وما تم ضبطه، وجرى نقاش الطرفين وظهر مماطلة الزوج في إتمام حفل الزواج رغم أن العروس وافقت على منحه فرصة شهرين لكنه ماطل ورفض أن يلتزم بموعد ويطلب الانتظار إلى أن يحصل على سكن من وزارة الإسكان وقد يكون ذلك أشهراً أو سنوات، وجرى محاولة تقريب وجهات النظر دون نتيجة وتقرر رفع تقرير بذلك للدائرة القضائية». حفل فسخ النكاح في جلسة لاحقة، قدمت الدائرة القضائية النصائح والتوجيهات للطرفين إلا أن وكيل العريس تمسك بأن موكله لا يلتزم بموعد محدد ويترك الأمر إلى حين حصوله على شقة من الإسكان، ما جعل العروس تحصر طلبها في فسخ النكاح. وبحسب صك الحكم، اعتبرت المحكمة العريس مماطلاً ويرغب إبقاء الأمر وفق هواه ما يجعل العروس متضررة من ذلك، لا سيما وقد مضى نحو 3 سنوات على خطبتهما، وثبوت وعوده المتكررة بإتمام الزفاف وتأجيله ومماطلته. وخلصت المحكمة إلى التأكيد على القاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار)، ووفقاً لما تضمنه نظام الأحوال الشخصية، قررت بعد الدراسة والتأمل أن الأصلح للزوجين هو التفريق بفسخ نكاح العروس دون عوض، واكتسب الحكم القطعية في وقت لاحق وتلقت العروس الحكم بفرحة غامرة واستبدلت حفل زفافها بحفل فسخ نكاحها، دعت إليه صديقاتها ومحاميتها وعدداً من الأقارب وعبرت بطريقتها عن فرحتها بالتخلص من عريس التأجيلات. خلع وفسخ وطلاق.. هناك فرق ! المحامي أشرف السراج، قال: إن هناك فروقات بين دعاوى الخلع ودعاوى فسخ النكاح ودعاوى الطلاق ولكل نوع شروط، وإن الطلاق سلطة مطلقة بيد الزوج كأن يقول الرجل لزوجته أنتِ طالق، أما «فسخ عقد النكاح» فهو أن تطالب الزوجة إنهاء العلاقة الزوجية لمسببات واضحة وصريحة في حياتها تؤثر على حقوقها الزوجية، مثل تعرضها للأذى والعنف وعدم النفقة أو عدم توفير منزل لها أو عدم توفير حياة كريمة أو إدمان الزوج للمخدرات أو تركه للصلاة، وكثير من الأمور والمسببات التي تحتاج إلى بينة لذلك أمام القضاء، وأما دعاوى الخلع فهو حق للزوجة بأن تطلب من القضاء أن يخلعها بمعنى يفرقها عن زوجها، ولا يجب أن يكون عيباً في الزوج، ولكن إما كرهاً أو بغضاً في حياتها معه ولها أن تحصل على الخلع مقابل أن ترد له مهره أو جزءاً منه وفق ما تقرره المحكمة، وقال، إن فسخ النكاح والخلع يعود لتقدير القضاء وهو سلطة بيد القاضي. ولفتت المحامية روان عسيري، إلى أن وزارة العدل ألزمت المحاكم بمبدأ المصالحة في قضايا الأحوال الشخصية لمحاولة تقريب وجهات النظر قدر المستطاع، للوصول إلى قناعة عن تراض من الطرفين إذا تم الانفصال.