تمثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي وضعها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، برامج عمل لحاضر قيادة وشعب يسابق الزمن ليثبت نجاحة وقوة إرادته ليؤمن ويصنع المستقبل وبما يتناسب مع عناصر القوة التي تمتلكها السعودية في كل المستويات، وهذا ما كان الهدف الأول لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي عمل على أن تكون بلاده نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم. على الرغم من أن الرؤية تركز بشكل كبير على تنفيذ إصلاحات غير مسبوقة تشمل القطاع العام وتعمل على تنويع الاقتصاد وتعزيز بيئة داعمة للاستثمارات المحلية والأجنبية وتمكين المواطنين للاستفادة المثلى من إمكاناتهم وبالشراكة مع القطاع الخاص، إلا أن هذه الرؤية بدأت بمسار موازٍ جديد يمكن أن أصفه ب(دبلوماسية الرؤية)، ففي الوقت الذي يعمل صانع القرار في المملكة على أن تكون هذه الدبلوماسية ساندة لخارطة طريق البرامج التي وضعتها الرؤية داخلياً لكن في ذات الوقت تحقّق القيادة السعودية دوراً ريادياً في علاقاتها الخارجية وجعل منهجها بإحلال السلام في المنطقة وبناء التحالفات القوية ركن أساس في عملها المستقبلي، وما يعزز هذا الطرح هو أن المملكة استضافت في العام 2023، سبع قمم إقليمية ودولية استهدفت في مجملها دعم الاستقرار والازدهار وتعزيز الشراكات ومواجهة أبرز الأزمات، بعض تلك القمم رسمت خارطة لمستقبل علاقات دول المنطقة بالدول الكبرى والتكتلات الإقليمية الهامة في العالم، بينما استهدفت قمم أخرى تمتين العلاقات الإقليمية وتطويرها، إلا أن جميع تلك القمم أبرزت المكانة الإقليمية والدولية المرموقة للمملكة، والثقة العالمية بجهودها لدعم أمن واستقرار المنطقة والعالم. استطاعت هذه الدبلوماسية على مستوى بناء الشراكات استضافة أول قمة خليجية مع رابطة دول الآسيان، بعد 3 شهور من استضافتها في يوليو/تموز الماضي، أول قمة خليجية مع دول آسيا الوسطى المعروفة بC5، وكذلك في إطار جهودها لمواجهة أبرز الأزمات الدولية، استضافت السعودية في نوفمبر الماضي القمة العربية الإسلامية الطارئة بشأن غزة، بعد نحو 3 شهور من عقد اجتماع لمستشاري الأمن الوطني وممثلي عدد من الدول في أغسطس الماضي لبحث الأزمة الأوكرانية. أما على صعيد جهودها في تعزيز العلاقات الإقليمية القائمة وتطويرها فقد استضافت المملكة في يوليو الماضي، اللقاء التشاوري ال18 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، بعد نحو شهرين من استضافتها القمة العربية العادية ال32، فضلاً عن استضافتها في نوفمبر الماضي أعمال القمة السعودية – الأفريقية. إن هذا النهج الجديد المتمثل بدبلوماسية الرؤية نجح في أن يقع الاختيار على العاصمة السعودية، الرياض، لاستضافة معرض إكسبو العالمي 2030، بعد عرضها الذي ركز على تشكيل مستقبل مزدهر ومستدام، متفوقة على روما ومدينة بوسان الساحلية في كوريا الجنوبية، فضلاً عن فوزها باستضافة مؤتمر منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية في عام 2025، الذي يُعد اعترافاً دولياً بمكانة المملكة كمحرك للنمو الاقتصادي والتصنيع في المنطقة، وتأكيداً على التزامها بتعزيز التنمية الصناعية في جميع أنحاء العالم، وليس بعيداً عن هذا النجاح هو أن مسارات السلام وتقريب وجهات النظر لوقف الحرب في غزة تطرق باب المملكة أولاً لصياغة المواقف الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني والمؤشر على ذلك الزيارات المتكررة لوزير الخارجية الأمريكية للسعودية بهدف استثمار دورها وثقلها العربي والإسلامي. إن الحقيقة الثابتة هي أن المملكة العربية السعودية أصبحت دولة ارتكاز دبلوماسي ووجهة موثوقة لإيجاد الحلول للأزمات التي تمر بها المنطقة وما هو أبعد من المنطقة، وبوابة لبناء التحالفات التكاملية التي تحقق مصالح الدول وشعوبها، هذه الحقيقة وفي الوقت الذي تسجل فيه نجاحاً مبكراً لوضع متقدم للمملكة على الخريطة العالمية، إلا أنها في الوقت ذاته تمثل انعطافة في تاريخ المملكة والمنطقة، وهي ما تتوافق مع قيادة وشعب طموح.